كشف تقرير الاستقرار المالي الصادر عن البنك المركزي المصري عن استمرار مرونة النظام المالي في مصر – القطاعين المصرفي وغير المصرفي – في أداء وظيفته الأساسية المتمثلة في الوساطة المالية طوال السنة المالية 2023 وحتى الربع الأول من عام 2024. ويشمل ذلك توفير التمويل الأساسي لمختلف القطاعات، وتقديم منتجات مالية متنوعة، والاعتماد على ودائع الأسر المستقرة كمصدر تمويل رئيسي.
وأبرز التقرير النمو الاقتصادي المستمر في مصر، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2.4% في الفترة من يوليو 2023 إلى مارس 2024، مقارنة بـ 4.1% خلال نفس الفترة من العام السابق. وقد حدث ذلك على الرغم من التحديات العالمية مثل تصاعد التوترات الجيوسياسية الإقليمية، والتضخم المستمر، وارتفاع أسعار الفائدة.
وفقًا للتقرير، تمثل أصول القطاع المصرفي 116.9% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي و92.3% من إجمالي أصول النظام المالي بنهاية العام المالي 2023. وحافظ القطاع على مؤشرات صحة مالية قوية حتى مارس 2024، متجاوزًا باستمرار الحدود التنظيمية التي حددها البنك المركزي المصري. ومتطلبات لجنة بازل، مما يعزز الثقة بين المشاركين في السوق.
وأشار التقرير أيضا إلى الدور المستمر للقطاع في الوساطة في العملات الأجنبية وتمويل التجارة الخارجية. وتماشياً مع الإصلاحات الهيكلية للبرنامج الاقتصادي المدعوم من صندوق النقد الدولي، ساهم اعتماد نظام سعر صرف مرن وتحسين التوقعات الاقتصادية في زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي وتحقيق فائض في ميزان المدفوعات بين يناير ومارس 2024. بالإضافة إلى ذلك، صافي الأصول الأجنبية وتحسن القطاع المصرفي، وزادت السيولة بالعملة الأجنبية، ونما صافي الاحتياطيات الدولية، واستمر في تغطية الديون الخارجية قصيرة الأجل.
كما قدم القطاع المصرفي التمويل الأساسي لكل من الشركات والأسر دون الإفراط في الإفراط في المخاطرة، مما يقلل من احتمالات المخاطر النظامية الناجمة عن تخلف المقترضين عن السداد. ويعزى هذا النجاح إلى تعزيز البنك المركزي للبيئة الائتمانية والتنسيق المستمر بين السياسات المالية والنقدية والكلية للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي. وركزت السياسة المالية على ضبط الأوضاع المالية، في حين ظلت السياسة النقدية مقيدة للحد من التضخم عن طريق رفع أسعار الفائدة. بالإضافة إلى ذلك، ظلت نسبة الاحتياطي الإلزامي بالعملة المحلية في البنك المركزي عند 18%.
وعلى الجانب التنظيمي، حافظت السياسة الاحترازية الكلية على الحد الأقصى لإجمالي أقساط القروض للائتمان الاستهلاكي عند 50% من الدخل الشهري، بما في ذلك حد أقصى قدره 40% لأقساط الرهن العقاري.
وأشار التقرير أيضًا إلى انخفاض مخاطر المشكلات النظامية الناشئة عن الاختلالات المالية في القطاع المصرفي، حيث واصلت الحكومة جهودها لضبط أوضاع المالية العامة من خلال تحسين كفاءة الإنفاق العام، وتعظيم الإيرادات، وخفض الدين العام. وفي الوقت نفسه، انخفضت حصة الأوراق المالية الحكومية من إجمالي أصول القطاع المصرفي مع ارتفاع حيازات المستثمرين الأجانب في أذون الخزانة المحلية.
وشكلت الأصول المالية غير المصرفية 9.8% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي و7.7% من إجمالي أصول النظام المالي، بحسب التقرير. شهد القطاع المالي غير المصرفي نموًا كبيرًا خلال العام المالي 2023، وكان أداء سوق الأوراق المالية المصرية جيدًا بشكل استثنائي خلال الربع الأول من عام 2024. واعتمدت هيئة الرقابة المالية إجراءات أكثر مرونة واستجابة للتعامل مع التغيرات المتزايدة في السوق، وتعزيز كفاءة الأسواق المالية في تحقيق التوازن بين النمو والاستقرار.
وانعكست هذه التطورات على مؤشر الاستقرار المالي الذي ارتفع إلى 0.44 في مارس 2024 من 0.34 في مارس 2023، مدفوعاً بالتحسن الملحوظ في أداء القطاع المصرفي والأسواق المالية ومؤشرات الاقتصاد الكلي والمناخ الاقتصادي العالمي.
وأكد التقرير أن نتائج اختبارات التحمل المختلفة أظهرت مرونة النظام المالي في مصر، بشقيه المصرفي وغير المصرفي، في مواجهة الخسائر غير المتوقعة الناشئة عن المخاطر النظامية المحتملة. وتم تقييم هذه المخاطر في ظل ظروف اقتصادية ومالية وبيئية وجيوسياسية معاكسة، وقياس تأثيرها على كفاية رأس المال والسيولة في كلا القطاعين.
كما أعطى البنك المركزي المصري الأولوية للشمول المالي من خلال العمل مع الوزارات والهيئات المعنية لتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المالية. اعتبارًا من مارس 2024، تم شمول 47.4 مليون مواطن ماليًا. بالإضافة إلى ذلك، ركز البنك المركزي بشكل كبير على تطوير البنية التحتية المالية لأنظمة الدفع الرقمية، وضمان توافرها وأمنها وفقًا لأحدث المعايير العالمية، والاعتراف بدورها الحيوي في تعزيز الاستقرار المالي.
علاوة على ذلك، اتخذ البنك المركزي المصري خطوات نشطة لإنشاء حماية قوية لحقوق العملاء، وتعزيز ثقة العملاء في القطاع المصرفي من خلال إصدار مبادئ توجيهية تنظيمية جديدة تهدف إلى تحسين جودة الخدمات المالية وضمان حماية حقوق العملاء، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز الثقة في القطاع المصرفي. النظام والمساهمة في الاستقرار المالي.