قال حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، إن التحولات الشاملة التي يقودها الذكاء الاصطناعي – إلى جانب الفرص التي يوفرها لتعزيز القدرات التحليلية والإشرافية – تفرض أيضًا مجموعة جديدة من المخاطر. وتشمل هذه التحديات التفتت التنظيمي، والتحيز الخوارزمي، والمخاوف المتعلقة بحماية البيانات، والتهديدات السيبرانية المتصاعدة، وكل هذا يتطلب بنية تحتية رقمية قوية وأطرا تشريعية قادرة على التكيف.
جاء ذلك خلال الاجتماع السنوي العشرين رفيع المستوى حول الاستقرار المالي والأولويات الرقابية، الذي عقد في أبوظبي، بتنظيم من صندوق النقد العربي بالتعاون مع معهد الاستقرار المالي ولجنة بازل للرقابة المصرفية في بنك التسويات الدولية.
وشدد على أهمية القضايا التي تمت مناقشتها في المنتدى، مشيرا إلى أن الاستقرار المالي والأولويات الرقابية المتطورة أصبحت حجر الزاوية في طموحات التنمية في المنطقة العربية. يأتي ذلك في وقت يمر فيه الاقتصاد العالمي بمرحلة انتقالية معقدة تتسم بارتفاع التضخم وظروف السيولة المتقلبة والديناميكيات الجيوسياسية المتغيرة بسرعة.
وقال محافظ البنك المركزي إن هذه الضغوط واضحة بشكل خاص في العالم العربي بسبب ارتفاع مستويات الدين العام والتقلبات المستمرة في أسعار الصرف وأسعار النفط، وهي عوامل تؤثر بشكل مباشر على المالية العامة والنشاط الاقتصادي وثقة المستثمرين.
ووفقا لعبد الله، فإن مثل هذه التحديات أجبرت البنوك المركزية على لعب دور أكثر اتساعا في حماية الاستقرار النقدي وتعزيز المرونة الاقتصادية وبناء أنظمة مالية أكثر مرونة قادرة على دعم النمو وامتصاص الصدمات غير المتوقعة والحفاظ على ثقة السوق.
كما سلط الضوء على التوسع السريع للمؤسسات المالية غير المصرفية، التي تمثل حصتها الآن ما يقرب من نصف الأصول المالية العالمية. وبينما تعمل هذه الكيانات كمحركات رئيسية لتطوير السوق وتساهم في النمو الاقتصادي والشمول المالي، فإنها تشكل أيضًا مخاطر متزايدة تتطلب أطر تنظيمية أكثر تقدمًا وشفافية وتطلعية.
وأشار عبد الله إلى الوتيرة المتسارعة للابتكار التكنولوجي، وخاصة الاستخدام المتزايد للأصول الرقمية والعملات المستقرة. وأشار إلى أن قيمتها تضاعفت خلال السنوات الثلاث الماضية وأنها تلعب الآن دورًا متزايد الأهمية في المدفوعات والتحويلات عبر الحدود.
وبالحديث عن الضغوط المصرفية العالمية الأخيرة، أشار عبد الله إلى التوترات المصرفية التي شهدها عام 2023 بعد انهيار أربعة بنوك. وقال إن هذه الأحداث كشفت عن القيود المفروضة على معايير السيولة التقليدية في بيئة تتميز بالسحب الرقمي السريع والتحويلات الفورية للأموال عبر المنصات عبر الإنترنت. وأوضح أن هذه الإخفاقات كانت مدفوعة بمزيج من ضعف الإدارة، وعدم كفاية إدارة المخاطر، ونماذج الأعمال غير المستدامة، وعدم كفاية الرقابة الإشرافية. وتؤكد هذه التطورات الحاجة إلى أطر محدثة لاختبارات التحمل، واستعداد تشغيلي أقوى، وإشراف أكثر استباقية قادر على تحديد نقاط الضعف في مرحلة مبكرة.
واختتم عبد الله كلمته بالتأكيد على أن تحديات الاستقرار المالي اليوم هي بطبيعتها عابرة للحدود ولا يمكن معالجتها بفعالية من قبل أي دولة بمفردها. ولذلك فإن تعزيز التعاون والعمل المنسق أمر ضروري لتطوير رؤى مشتركة تعزز مرونة الأنظمة المالية العربية وتمكنها من إدارة المخاطر الناشئة مع تبني الابتكار الذي يدعم التنمية المستدامة.