ميزان المدفوعات المصري يظهر اتجاهات إيجابية في السنة المالية 2024/2025: البنك المركزي

فريق التحرير

يعكس ميزان المدفوعات المصري اتجاهات إيجابية على نطاق واسع خلال السنة المالية 2024/2025، مع تقلص عجز الحساب الجاري بشكل كبير بنسبة 25.9% إلى 15.4 مليار دولار، مقارنة بـ 20.8 مليار دولار في السنة المالية السابقة، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.

ويعزى هذا التحسن إلى قوة المعاملات الخارجية، خاصة خلال النصف الثاني من السنة المالية (يناير-يونيو 2025)، عندما انخفض عجز الحساب الجاري بنسبة 59.9% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. وأرجع البنك المركزي هذا التقدم إلى ارتفاع تحويلات المصريين العاملين في الخارج، والزيادة الملحوظة في فائض الخدمات، والنمو القوي في الصادرات غير النفطية.

وارتفعت التحويلات بنسبة 55.3%، في حين توسع فائض الخدمات بنسبة 49.6%، مدعوما بزيادة 21% في إيرادات السياحة. وقفزت الصادرات السلعية غير النفطية بنسبة 38.9%، مما ساهم في انخفاض العجز التجاري غير النفطي، إلى جانب تحسن معتدل في ميزان الدخل الاستثماري.

وفي الجانب المالي، سجل الحساب الرأسمالي والمالي تدفقات صافية بلغت 10.2 مليار دولار، مقارنة بـ 29.9 مليار دولار في العام السابق. ويعكس هذا الانخفاض بشكل رئيسي غياب التدفقات الاستثنائية البالغة 35 مليار دولار من صفقة رأس الحكمة الاستثمارية، والتي عززت أرقام العام السابق. وبشكل عام، سجل ميزان المدفوعات المصري عجزاً إجمالياً يمكن التحكم فيه قدره 2.1 مليار دولار، مقارنة بفائض قدره 9.7 مليار دولار في السنة المالية السابقة. وأكد البنك المركزي أن هذه النتيجة تعكس التحسن الهيكلي المستمر في الحساب الجاري والطبيعة الانتقالية للتدفقات الاستثنائية في العام الماضي.

تحسن في الحساب الجاري

وساهمت عدة عوامل رئيسية في تضييق عجز الحساب الجاري. وكان من أهمها الارتفاع الحاد في تحويلات العمال، التي سجلت تدفقات غير مسبوقة بلغت 36.5 مليار دولار، مقارنة بـ 21.9 مليار دولار في العام السابق. ويشير هذا الارتفاع إلى تزايد الثقة بين المصريين في الخارج وعودة تدفقات النقد الأجنبي عبر القنوات الرسمية.

كما كان أداء السياحة قويًا أيضًا، حيث ارتفعت الإيرادات بنسبة 16.3% إلى 16.7 مليار دولار، مقارنة بـ 14.4 مليار دولار في العام السابق. ويعزى هذا الارتفاع إلى ارتفاع ملحوظ في عدد الليالي السياحية الذي بلغ 179,3 مليون مقابل 154,1 مليون ليلة قبل سنة. وكان التعافي المستمر لقطاع السياحة مدعومًا بتنوع عروض الوجهات، وتحسين البنية التحتية، وزيادة عدد الوافدين من أوروبا والخليج.

بالإضافة إلى ذلك، تقلص العجز في دخل الاستثمار بنسبة 9.6% إلى 15.8 مليار دولار، بانخفاض من 17.5 مليار دولار. وارتفعت عائدات الاستثمار بنسبة 50.1% إلى 2.9 مليار دولار، في حين انخفضت المدفوعات بنسبة 3.7% إلى 18.7 مليار دولار. ويعزى هذا التحسن إلى حد كبير إلى ارتفاع عوائد الاستثمارات المصرية في الخارج وانخفاض تحويلات الأرباح ومدفوعات الفائدة.

العوامل التي تحد من مزيد من التحسين

وعلى الرغم من هذه التطورات الإيجابية، فقد أثرت بعض العوامل على إجمالي ميزان الحساب الجاري، لا سيما ارتفاع فواتير الواردات وانخفاض إيرادات قناة السويس.

واتسع العجز التجاري النفطي إلى 13.9 مليار دولار، مقارنة بـ 7.6 مليار دولار في السنة المالية السابقة. ويعزى ذلك في المقام الأول إلى الارتفاع الكبير في واردات النفط، التي زادت بمقدار 6.1 مليار دولار إلى 19.5 مليار دولار. ويعكس هذا الارتفاع ارتفاع واردات الغاز الطبيعي بنحو 3.9 مليار دولار، والمنتجات النفطية بنحو 1.7 مليار دولار، والنفط الخام بنحو 495 مليون دولار بسبب زيادة حجم الواردات.

وفي الوقت نفسه، انخفضت صادرات النفط بشكل طفيف بمقدار 128 مليون دولار إلى 5.6 مليار دولار، حيث عوض انخفاض صادرات النفط الخام والغاز الطبيعي – بانخفاض 698 مليون دولار و513 مليون دولار على التوالي – زيادة قدرها 1.1 مليار دولار في صادرات المنتجات النفطية، التي استفادت من ارتفاع الكميات المصدرة.

كما اتسع العجز التجاري غير النفطي ليصل إلى 37.1 مليار دولار مقارنة بـ 31.9 مليار دولار في العام المالي السابق. وزادت مدفوعات الواردات غير النفطية بمقدار 13 مليار دولار لتصل إلى 71.7 مليار دولار، مع تركز الارتفاع في السلع الأساسية مثل فول الصويا والقمح والذرة وقطع غيار السيارات والتبغ الخام. ومع ذلك، سجلت الصادرات السلعية غير النفطية نموا قويا، حيث ارتفعت بمقدار 7.8 مليار دولار إلى 34.6 مليار دولار، مدفوعة بزيادة صادرات الذهب والفواكه والخضروات والملابس الجاهزة ومنتجات الألومنيوم.

وفي الوقت نفسه، تعرضت إيرادات قناة السويس لضغوط، حيث انخفضت بنسبة 45.5% إلى 3.6 مليار دولار، مقارنة بـ 6.6 مليار دولار في العام السابق. ويعكس هذا الانخفاض تأثير الاضطرابات في طرق الشحن العالمية والوضع الأمني ​​في البحر الأحمر. وانخفض عدد السفن العابرة للقناة بنسبة 38.5% إلى 12400 سفينة، بينما انخفض صافي الحمولة بنسبة 55.1% إلى 482.8 مليون طن. ومع ذلك، أظهر النصف الثاني من السنة المالية 2024/2025 علامات استقرار، حيث انخفضت إيرادات قناة السويس بشكل طفيف بنسبة 1.4% لتبلغ 1.8 مليار دولار مقارنة بـ 1.83 مليار دولار في نفس الفترة من العام السابق.

تطورات الحساب الرأسمالي والمالي

وسجل الحساب الرأسمالي والمالي تدفقات صافية بلغت 10.2 مليار دولار، بانخفاض عن 29.9 مليار دولار في العام السابق. وعلى الرغم من هذا الانخفاض، ظلت المكونات الأساسية للاستثمار الأجنبي والتمويل الخارجي مستقرة نسبيا.

وبلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر 12.2 مليار دولار، مقارنة بـ 46.1 مليار دولار في العام المالي السابق. وباستثناء التدفقات الاستثنائية الواردة من رأس الحكمة، ظل أداء الاستثمار الأجنبي المباشر قويا، مدعوما باستمرار اهتمام المستثمرين بالقطاعات غير النفطية. وبلغ الاستثمار الأجنبي المباشر في الأنشطة غير النفطية 11.6 مليار دولار، وهو ما يعكس زيادات في رأس المال ومشاريع جديدة بقيمة 5.5 مليار دولار، بما في ذلك 354 مليون دولار في مشاريع جديدة. وبلغت التدفقات الواردة من مشتريات العقارات من قبل غير المقيمين 1.9 مليار دولار، في حين حققت مبيعات الكيانات المحلية للمستثمرين الأجانب 399.8 مليون دولار. وساهمت الأرباح المعاد استثمارها بمبلغ إضافي قدره 4.2 مليار دولار.

وفي قطاع النفط، سجل الاستثمار الأجنبي المباشر تدفقا صافيا إلى الداخل قدره 598.3 مليون دولار، وهو ما عكس تدفقا صافيا إلى الخارج قدره 351.6 مليون دولار في العام السابق. وقد نتج هذا التحول عن ارتفاع التدفقات الداخلة إلى 6.2 مليار دولار، في المقام الأول من الاستثمارات الجديدة من قبل شركات النفط العالمية، إلى جانب انخفاض التدفقات الخارجة – التي تمثل استرداد تكاليف الاستكشاف والتطوير – إلى 5.6 مليار دولار مقارنة بـ 6 مليارات دولار في السابق.

وسجلت محفظة الاستثمار في مصر صافي تدفقات داخلة قدرها 1.6 مليار دولار، مقارنة بـ 14.5 مليار دولار في السنة المالية 2023/2024. ويعكس هذا توقعات أكثر استقرارا ولكن حذرة بين المستثمرين في أعقاب التدفقات المرتفعة بشكل غير عادي في العام السابق.

وسجلت القروض والتسهيلات متوسطة وطويلة الأجل صافي سداد قدره 3.5 مليار دولار، مقارنة بـ 2.4 مليار دولار في العام السابق، وذلك بسبب ارتفاع أقساط أصل القرض إلى 12.4 مليار دولار مقابل مصروفات قدرها 8.9 مليار دولار. وأظهر التغير في مطلوبات البنك المركزي المصري صافي تدفقات إلى الداخل بقيمة 3.6 مليار دولار، وهو ما يعكس صافي تدفقات إلى الخارج بلغت 7.8 مليار دولار في العام السابق. وبالمثل، سجلت مطلوبات البنوك تدفقات صافية إلى الداخل قدرها 3.4 مليار دولار، مقارنة بصافي تدفقات إلى الخارج قدرها 2 مليار دولار، مما يشير إلى تحسن السيولة وقوة المراكز الخارجية داخل النظام المصرفي.

التوقعات والاتجاهات الهيكلية

وعلى الرغم من التحول من الفائض الإجمالي إلى العجز المتواضع، فإن نتيجة السنة المالية 2024/2025 تمثل تحركا نحو وضع خارجي أكثر استدامة وتوازنا. وقد أدى تضييق عجز الحساب الجاري – مدفوعا بالتحويلات المالية القياسية، وعائدات السياحة القوية، وارتفاع الصادرات غير النفطية – إلى تعويض الكثير من الضغوط الناجمة عن ارتفاع واردات الطاقة وضعف إيرادات قناة السويس.

ووفقا للبنك المركزي، فإن التحسن المستمر في التدفقات المتكررة، خاصة من التحويلات والخدمات، يعزز مرونة مصر الخارجية ويدعم استقرار النقد الأجنبي في البلاد. ويشير الاعتدال في التدفقات الرأسمالية والمالية مقارنة بالمستويات الاستثنائية للعام الماضي إلى العودة إلى مصادر تمويل خارجية أكثر تطبيعا وتنوعا.

وبشكل عام، أشار البنك المركزي إلى أن الهيكل الأساسي لميزان المدفوعات المصري لا يزال سليمًا، مع تقدم مطرد نحو تصحيح الاختلالات وتعزيز قدرة البلاد على استيعاب الصدمات الخارجية، مما يمهد الطريق لوضع خارجي أكثر استدامة في السنوات المقبلة.

شارك المقال
اترك تعليقك