مصر والأمم المتحدة: أسس متجذرة في الماضي وبصيرة للمستقبل

فريق التحرير

منذ ما يقرب من شهر، انعقدت قمة المستقبل في نيويورك، بمشاركة مصر، والتي اعتبرت بالإجماع فرصة لإعادة بناء الثقة في النظام الدولي المتعدد الأطراف، وفي قلبه الأمم المتحدة. وبالنسبة لنا، فإن ميثاق المستقبل، والاتفاق الرقمي العالمي، والإعلان بشأن الأجيال القادمة ــ الاتفاقيات الثلاثة التاريخية التي اعتمدتها القمة ــ تشكل بالتأكيد ركائز أساسية لتحقيق هذا الهدف.

تعكس مشاركة مصر النشطة في القمة قيادة مصر ورؤيتها بشأن القضايا العالمية الرئيسية وتفانيها في إنشاء نظام دولي أكثر إنصافًا وشمولاً. باعتبارها مدافعًا قويًا عن التنمية المستدامة وتمويل التنمية والسلام والأمن الدوليين والعلوم والتكنولوجيا والابتكار والتعاون الرقمي والشباب والأجيال القادمة وتحويل الحوكمة العالمية، كان لصوت مصر دور حاسم في تشكيل نتائج القمة، التي وتهدف إلى إرساء الأساس لاتفاق عالمي جديد.

اغتنمت مصر القمة، التي كانت فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في كل جيل، للإعلان عن استراتيجية التمويل الوطنية المتكاملة – الأولى في منطقة الدول العربية – كخطوة إضافية نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز المرونة الاقتصادية. كما تم تسليط الضوء خلال القمة على جهود مصر لدمج الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الرئيسية بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة. وقد صاحبت جهود التنمية الوطنية هذه دعوات لتهيئة الظروف الدولية المناسبة من خلال إصلاح الهيكل الاقتصادي المتعدد الأطراف. وبما أن الاقتصاد العالمي يواجه صدمات متعددة تعمل على عكس التقدم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع خسارة البلدان النامية للعديد من مكاسبها الإنمائية التي حققتها بشق الأنفس، فإننا ندرك خطة الأمين العام للأمم المتحدة لتحفيز أهداف التنمية المستدامة. وتتطلب هذه المبادرة، التي تم إطلاقها في عام 2023، حشد دعم واسع النطاق من البلدان المتقدمة والنامية على السواء من خلال زيادة التمويل ومعالجة أعباء الديون السيادية وخفض تكلفة الاقتراض بالنسبة للبلدان النامية.

وفي هذا العام، عقدت مصر مبادرتها السنوية الرائدة، منتدى أسوان، الذي وفر منصة حيوية وفريدة من نوعها لمجموعة واسعة من أصحاب المصلحة الأفارقة، بما في ذلك صناع السياسات والقطاع الخاص والمجتمع المدني بالإضافة إلى ممثلي الشباب. وكان الهدف هو إعادة تصور الحوكمة العالمية وتضخيم أولويات أفريقيا بشأن السلام والأمن والتنمية نحو إصلاح النظام المتعدد الأطراف وتعزيز الأجندة الدولية لمنع الصراعات وبناء السلام.

وتقدم الشراكة بين الأمم المتحدة ومصر شهادة حية على ما يمكن تحقيقه عندما تلبي الأهداف العالمية الالتزام المحلي. ال تقرير النتائج السنوية لفريق الأمم المتحدة القطري في مصر لعام 2023 يسلط الضوء على الإنجازات المشتركة، والتي تمتد عبر القطاعات المتوافقة مع أولويات التنمية في مصر. إنها شراكة طويلة الأمد تلعب دورًا حيويًا في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة. نعمل معًا على تعزيز الأولويات الوطنية التي تتماشى مع هذه الأهداف، مثل جهودنا الجماعية لضمان تعزيز رأس المال البشري مع التركيز على الأطفال والشباب بالإضافة إلى التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة بيئيًا في جميع مجالات إطار الأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة. (صندوق الأمم المتحدة للتنمية المستدامة) 2023-2027.

وأيضًا، في غضون أسابيع قليلة، في نوفمبر، سنرى مصر تستضيف الـ12ذ نسخة المنتدى الحضري العالمي (WUF12)، وهي فرصة لتطوير حلول جماعية لجعل المدن أكثر شمولاً ومرونة واستدامة. كل هذه المبادرات تعطي مساحة أكبر لنا للعمل معًا لتحقيق مستقبل أكثر إنصافًا واستدامة. ومن خلال هذه الروح والعمل الجماعي يمكننا معالجة القضايا العالمية المعقدة وضمان عدم تخلف أحد عن الركب. وهذا هو بالضبط هدف تعاوننا في مشاريع ومبادرات التنمية المحلية. لقد عملنا على توحيد الجهود على مر السنين لتحقيق فوائد ملموسة لملايين الأشخاص، تتراوح بين معالجة الفقر والقدرة على التكيف مع تغير المناخ إلى تعزيز تمكين المرأة وتوظيف الشباب.

ولذلك لا يسعنا إلا أن نؤكد على ضرورة التمسك بمبادئ ومقاصد الأمم المتحدة، خاصة فيما يتعلق بحق كافة الشعوب في تقرير مصيرها، وذلك من خلال الحل السلمي للصراعات الدولية. إننا في العالم العربي والشرق الأوسط والقارة الأفريقية، في أمس الحاجة إلى تنفيذ كافة قرارات الأمم المتحدة، وهي قرارات الشرعية الدولية. إننا نعتمد على قواعد القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، التي يجب احترامها، في كل مكان، من قبل جميع الأطراف.

وفي يوم الأمم المتحدة هذا، دعونا نجتمع جميعا بروح تعددية الأطراف. يعتمد مستقبلنا المشترك على قدرتنا على التعاون والابتكار والتصرف بشكل عاجل. إن التحديات التي نواجهها كبيرة، ولكن لدينا أيضا إمكانات واعدة وعزيمة راسخة. ومن خلال العمل معًا، يمكننا تحقيق السلام والازدهار والكرامة التي نسعى إليها جميعًا. وفي جميع أنحاء العالم، ستواصل الأمم المتحدة العمل كمنارة للأمل والتضامن، وصوت لمن لا صوت لهم، وحافز للتقدم. معًا، يمكننا أن نبني عالمًا أفضل وأكثر إنصافًا للجميع. إن مستقبلنا المشترك يعتمد علينا جميعا، نساء ورجالا.

افتتاحية مشتركة بقلم

السفير عمرو الجويلي مساعد وزير الخارجية للشؤون المتعددة الأطراف والأمن الدولي

إيلينا بانوفا، المنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر

شارك المقال
اترك تعليقك