لقد انضم آلاف الشهداء من غزة، ومؤخرا من جنوب لبنان، إلى القائمة الواسعة والمشرفة المحفورة في سجلات التاريخ. ويقفون إلى جانب شخصيات مثل حمزة وعلي وعمر وعثمان وشهداء بدر وحطين وعين جالوت والقدس وسيناء والإسماعيلية والسويس وبحر البقر وبورسعيد ومن سقطوا في حروب 1948. عام 1956، ونكسة 1967، والنصر العظيم عام 1973. وقد تحمل المصريون، على وجه الخصوص، نصيبًا كبيرًا من الاستشهاد، فخلدوا ذكراهم بالشجاعة، ونالوا ثوابهم بالصمود والشجاعة في مواجهة الغدر والأحقاد من جانب مصر. حفنة من المرتزقة الجهلة أعداء الإنسانية والإيمان.
لطالما كانت مفاهيم الاستشهاد والنصر بمثابة شعارات للمؤمنين بالحرب. قامت وسائل مختلفة بالاحتفاء بالشهداء وتكريمهم، وإشراك الجمهور من خلال الصحف والمجلات والكتب والأعمال الفنية التي تتراوح بين المسرح والسينما والتلفزيون. إن تسليط الضوء على بعض أبرز الشهداء في السينما العربية يجسد الذاكرة الدائمة للأمم والشعوب لأبطالها، سواء حققوا النصر أو الاستشهاد. تناولت العديد من الأعمال السينمائية موضوعات الحرب والمقاومة واستشهاد الأبطال من مختلف الدول العربية. ونظرا لضيق المساحة، سيتم ذكر بعض الأمثلة فقط.
ومن أهم الأفلام التي تصور الاستشهاد كخاتمة مناسبة لرحلة النضال والمقاومة المشرفة سعياً لتحقيق الرحمة والعدالة والحرية للإنسانية جمعاء: “الرسالة” وهو من إخراج السوري الأمريكي مصطفى العقاد وبطولة الراحل عبد الله غيث. “”أسد الصحراء”” (المعروف أيضًا باسم “عمر المختار”) من إنتاج مصطفى العقاد، وبطولة الممثل الشهير أنتوني كوين، و “أيام السادات”: إخراج الراحل محمد خان وبطولة أحمد زكي الذي لا ينسى.
حمزة سيد الشهداء
ومن أبرز الأعمال السينمائية التي تصور الشهيد، فيلم “الرسالة” للمخرج الشهير مصطفى العقاد، بطولة النجم الراحل عبد الله غيث، الذي جسد شخصية حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء وأسد الشهداء. إله. ويبدأ ظهوره في الفيلم عندما يعلم أن أبو جهل يؤذي ابن أخيه محمد صلى الله عليه وسلم. يركب جواده مسرعًا نحو عمرو بن هشام، المعروف بأبي جهل، فضربه على وجهه، فسقط على الأرض. وفي الوقت نفسه يشتمه ويهدده إذا اقترب من محمد بسوء نية، معلناً ولائه لدين محمد. ويسلط هذا المشهد الضوء على حضور حمزة الهائل في المجتمع المكي، الذي لا يضاهيه أي شخص آخر، حيث أطلق عليه العرب في ذلك الوقت لقب “مصارع الأسود”. ثم زار حمزة منزل الأرقم بن أبي الأرقم، حيث التقى بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وروى لقاءه بأبي جهل، ثم أعلن إسلامه. وهاجر مع النبي من مكة إلى المدينة، واستقر هناك مع غيره من المهتدين. ولما علم النبي باستيلاء قريش على أموال المهاجرين، أذن للمسلمين بالتوجه إلى بدر للبحث عن قافلة قريش. وبدلاً من ذلك، واجهوا الجيش المكي، وقاتلوا ببسالة، وهزموهم، وقتلوا جميع القادة الذين جاءوا ضدهم. توعدت هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان بقتل حمزة بن عبد المطلب لأنه قتل أباها عتبة في غزوة بدر. وواصلت هي وزوجها حشد أهل مكة لمواجهة أخرى حتى وقعت معركة أحد، حيث انتصر المسلمون.
إلا أن خالد بن الوليد، الذي لم يكن قد اعتنق الإسلام بعد، استغل بمهارة عصيان المسلمين لأمر النبي محمد بعدم النزول من مناصبهم لجمع الغنائم. وشن هجوما مفاجئا حول انتصارهم إلى هزيمة. وخلال المعركة قُتل حمزة على يد العبد “وحشي” الذي استأجرته هند بنت عتبة للقيام بالعملية. وبعد أن توقف القتال، اقتربت هند من جسد حمزة، فقطعت بطنه، وأكلت كبده. حمزة، الملقب بأسد الله وسيد الشهداء، شخصية لها احترام كبير. ولا يمكن إنكار أن هذا الفعل حصد دعاية كبيرة، خاصة عندما تم منع الفيلم الذي يصوره في مصر بسبب اعتراضات الأزهر على تجسيد شخصية الصحابي حمزة بن عبد المطلب عم النبي محمد. وقد أفاد هذا الحظر الفيلم في نهاية المطاف، حيث أثار الاهتمام العام، ودفع الكثيرين إلى البحث عنه، خاصة مع ظهور القنوات الفضائية. وأشاد المشاهدون بالفيلم، معتبرين أنه عمل محمود يحمل العديد من الرسائل الإيجابية، خاصة إبراز حلاوة الشهادة في سبيل الله.
عمر المختار: أسد الصحراء
“”أسد الصحراء”” هو عمل مهم في السينما العالمية، من إخراج السوري الأمريكي مصطفى العقاد. وهو موجود في نسختين: النسخة الإنجليزية بعنوان “أسد الصحراء” والنسخة العربية المدبلجة باسم “عمر المختار”. ويلعب الدور الرئيسي الممثل الشهير أنتوني كوين، الذي يجسد شخصية البطل الليبي عمر المختار. وشكل المختار جيشا من المقاتلين من أجل الحرية للدفاع عن ليبيا ضد الاحتلال الإيطالي، محققا انتصارات ملحوظة في معارك عديدة. هذا النجاح أزعج بشدة بينيتو موسوليني، الزعيم الإيطالي في ذلك الوقت، مما دفعه إلى إرسال أمهر قائده، جراتسياني، الذي يلعب دوره أوليفر ريد، لمواجهة المختار وقواته. ومع ذلك، واجه جراتسياني أيضًا هزيمة مدمرة في مواجهته الأولى. وحاول بعد ذلك كسب الوقت لتعزيز قواته من خلال مفاوضات خادعة مع المختار ورجاله. وعلى الرغم من تلقيه العديد من الدبابات لغزو الصحراء، إلا أنه تعرض في النهاية لهزيمة مذلة على يد جيش المختار. ثم سعى جراتسياني إلى قطع خط الإمداد بين مصر وليبيا من خلال إقامة أسلاك شائكة على طول الحدود لمنع وصول التعزيزات إلى المختار ومقاتليه. عازمًا على التفوق على مختار، ابتكر غراتسياني فخًا أدى إلى القبض على مختار. حُكم عليه بالإعدام أمام شعبه، لكنه قال في لحظاته الأخيرة كلمات أشعلت حماسة أنصاره.
وقال: “لن نستسلم… فإما أن ننتصر أو نهلك… سيكون عليك أن تواجه الجيل القادم ومن يليه… أما بالنسبة لي، فإن حياتي سوف تدوم أكثر من حياة مضطهدي”. ثم تلا شهادات الإيمان ومات شهيداً تفتخر به الأمة العربية من مشارقها إلى مغاربها.
وقد أثبت المخرج السوري مصطفى العقاد من خلال أعماله أن الفن رسالة نبيلة قادرة على إثراء الإنسانية بالقيم التي ترتقي بالوجود الإنساني وتهذب السلوك، في تناقض صارخ مع الكثير مما تقدمه السينما المعاصرة.
بطل الحرب والسلام
يعد فيلم “أيام السادات” علامة بارزة في تاريخ السينما المصرية والعربية، إذ يروي حياة الشهيد والبطل محمد أنور السادات. وحاليًا، نحتفل بالذكرى السنوية الحادية والخمسين لانتصاره الرائع، الذي يعتبر أحد أعظم الانتصارات في عصرنا الحديث وما زال يدرس في الجامعات في جميع أنحاء العالم. قام بتأليف السيناريو والحوار أحمد بهجت، مستمدًا من أعمال السيرة الذاتية للسادات “البحث عن الهوية” و”امرأة من مصر” من تأليف جيهان السادات. ويشارك في الفيلم الراحل أحمد زكي في دور السادات، إلى جانب ميرفت أمين ومنى زكي في دور جيهان السادات. النوتة الموسيقية من تأليف ياسر عبد الرحمن، وتصوير سينمائي طارق التلمساني وإخراج الراحل محمد خان. يروي هذا الإنتاج حياة الرئيس محمد أنور السادات على مدار ساعتين وثمان وأربعين دقيقة، وهو نتاج تعاون بين أحمد زكي واتحاد الإذاعة والتليفزيون، بميزانية قدرها ستة ملايين جنيه مصري في عام 2001، مما أدى في النهاية إلى تحقيق إيرادات مما ضاعف الاستثمار الأولي. وتدور أحداث السرد بأسلوب الفلاش باك، حيث يبدأ بمشهد السادات جالسًا على كرسي عبد الناصر بعد وفاته، وهو يتأمل رحلة حياته منذ الطفولة وحتى صعوده إلى الرئاسة.
ويتذكر دوره في الحركة الوطنية المقاومة للاحتلال البريطاني وتعاونه مع الألمان خلال الحرب العالمية الثانية، مما أدى إلى سجنه واتهامه فيما بعد بقتل أمين عثمان باشا. وأدى ذلك إلى فصله من الجيش، ليعمل بعدها في البناء لفترة قبل أن يعود إلى الخدمة العسكرية. انضم إلى صفوف الضباط الأحرار وشارك في ثورة يوليو 1952. يستخدم المخرج ذكريات الماضي ليعيد النظر في محاولة اغتيال عبد الناصر عام 1954، وتأميم قناة السويس، والعدوان الثلاثي على مصر عام 1956، والذي بلغ ذروته في نكسة 1967 ومقتل المشير عبد الحكيم عامر، ثم تعيين السادات رئيسًا للبلاد. نائب الرئيس. وبعد ذلك بوقت قصير، توفي عبد الناصر في سبتمبر 1970، وتولى السادات منصب الرئاسة نائبًا للرئيس. ويسلط الفيلم الضوء أيضًا على الثورة التصحيحية التي قام فيها السادات بتفكيك مراكز السلطة عام 1971، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، والاستعدادات للحرب من التخطيط والتسليح والتدريب والتمويه لمعركة التحرير. ويركز بشكل كبير على معركة العبور، حيث انتصر الجيش المصري على العدو الإسرائيلي، ويلقنه درسا قاسيا بقيادة الرئيس البطل أنور السادات، ويتضمن مقطعا من كلمة النصر. يقدم الفيلم بعد ذلك تصويرًا مذهلًا، بصريًا وموسيقيًا، لزيارة السادات إلى القدس وخطابه التاريخي أمام الكنيست الإسرائيلي، قبل تحويل التركيز إلى مفاوضات السلام.
وتوجت المفاوضات بمعاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979، والتي نصت على استلام مصر للأراضي المحتلة المتبقية في سيناء بحلول أبريل 1981. إلا أن السادات لم يكن محظوظا بما فيه الكفاية ليشهد عودة الأرض في الموعد المقرر، حيث اغتيل خلال احتفالات النصر في أكتوبر 1980، ليسقط شهيداً بزيه العسكري بشكل مأساوي بين جنوده وقادته وكبار مسؤولي الدولة، في حادثة مؤسفة ومؤسفة دبرتها الجماعة الإسلامية.