سجل قطاع التمويل الاستهلاكي المصري نموا غير مسبوق خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2025، حيث وصلت الأرصدة القائمة إلى 74.9 مليار جنيه، بزيادة سنوية قدرها 61.6%، وفقا للاتحاد المصري للتمويل الاستهلاكي. ويعكس الأداء القوي تسارع الطلب على الائتمان الاستهلاكي المنظم، والتوسع الحاد في قاعدة العملاء، واستمرار نضج الإطار التنظيمي وإدارة المخاطر في القطاع.
وارتفعت الأرصدة القائمة من 47.4 مليار جنيه خلال نفس الفترة من عام 2024 بنسبة نمو تقارب 58%. وفي الوقت نفسه، ارتفع عدد المستهلكين المستفيدين من شركات التمويل الاستهلاكي المرخصة من 3.27 مليون إلى 9.25 مليون، بزيادة قدرها 182% على أساس سنوي. وأرجع الاتحاد هذا التوسع السريع إلى تحسن البنية التحتية الرقمية، ومجموعة أوسع وأكثر تنوعا من منتجات التمويل، وزيادة الثقة في حوكمة القطاع والبيئة الإشرافية.
وعلى الرغم من هذا النمو الاستثنائي، ظلت جودة المحفظة سليمة. وتم الحفاظ على معدلات التخلف عن السداد عند مستوى مستقر يتراوح بين 3 و4%، مما يؤكد قدرة القطاع على التوسع بشكل مسؤول مع الحفاظ على معايير ائتمانية منضبطة. ووصف الصندوق التمويل الاستهلاكي بأنه أحد الأنشطة المالية غير المصرفية الأكثر تنظيمًا ومرونة في مصر، ويلعب دورًا حيويًا متزايدًا في دعم القوة الشرائية للأسر وتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المالية الرسمية.
النمو في ظل إطار تنظيمي قوي
وأكد الاتحاد أن توسع القطاع يتم ضمن هيكل تنظيمي محدد المعالم تشرف عليه الهيئة العامة للرقابة المالية. وقد مكن هذا الإطار شركات التمويل الاستهلاكي من الاستجابة للطلب المتزايد مع ضمان الشفافية، وحماية المستهلك، والإدارة الحكيمة للمخاطر.
وقال الاتحاد في بيان: “تؤكد هذه النتائج أن التمويل الاستهلاكي تطور إلى نشاط ناضج وخاضع للإشراف الجيد وقادر على تلبية احتياجات المستهلكين الأساسية دون المساس بالاستقرار”. وأضاف أن القطاع أصبح ركيزة أساسية في استراتيجية الشمول المالي الأوسع في مصر، خاصة للمقترضين لأول مرة والقطاعات المحرومة من السكان.
وجاءت هذه الإعلانات خلال مؤتمر صحفي نظمه الاتحاد الأوروبي للمنظمات الخيرية وحضره كبار قادة الصناعة، بما في ذلك سعيد زعتر، رئيس الاتحاد؛ وأسامة فريد، الرئيس التنفيذي لشركة بريميوم كارد؛ وأحمد أسامة، المدير العام لشركة Drive Finance؛ وعلي عبد الوهاب، المدير التنفيذي للتمويل الاستهلاكي بشركة بي تك. جميع المديرين التنفيذيين الأربعة هم أعضاء في مجلس إدارة الاتحاد.
واستعرض المتحدثون التطورات الأخيرة في السوق، وناقشوا الأولويات التنظيمية، وحددوا مدى استعداد القطاع للتحول الرقمي بشكل أعمق والاعتماد المرحلي لمعايير بازل 3 لكفاية رأس المال.
أعاد القانون رقم 18 لسنة 2020 تشكيل السوق
وقال سعيد زعتر، رئيس الاتحاد المصري للتمويل الاستهلاكي، إن تحول القطاع خلال السنوات الأخيرة كان مدفوعًا بشكل أساسي بالقانون رقم 18 لسنة 2020، الذي وضع الأساس لسوق تمويل استهلاكي شفاف ومبني على القواعد.
وقال زعتر: “أعاد القانون رقم 18 لسنة 2020 تشكيل النشاط بشكل جذري، ونقله من بيئة تتسم بالممارسات غير المنظمة إلى إطار تنظيمي شامل”. “لقد قدم القانون الإفصاح الكامل عن التكاليف، وحظر الرسوم الخفية، وضمن حقوق السداد المبكر العادلة، وفرض معايير واضحة للترخيص والحوكمة وإدارة المخاطر.”
وأضاف أن هذه الإصلاحات عززت بشكل كبير ثقة المستهلك، وعززت انضباط السوق، وخلقت بيئة مستقرة وتنافسية تسمح للشركات بالنمو بشكل مسؤول مع حماية حقوق العملاء. وأشار إلى أن “هذا التوازن بين النمو والحماية هو ما مكن القطاع من تحقيق توسع مستدام ومعايير خدمة عالية باستمرار”.
كما كشف زعتر أن الاتحاد يعمل بشكل وثيق مع هيئة الرقابة المالية والقطاع المصرفي لتطوير قاعدة بيانات ائتمانية موحدة للتمويل الاستهلاكي. وتهدف المبادرة إلى تحسين عمليات تقييم الائتمان، ودعم المقترضين الصغار والمقترضين لأول مرة، وتعزيز استقرار السوق بشكل عام من خلال الحد من عدم تناسق المعلومات.
شراكات قوية مع البنوك
وسلط أحمد أسامة، العضو المنتدب لشركة Drive Finance وعضو مجلس إدارة الاتحاد، الضوء على الدور الحاسم الذي تلعبه البنوك المصرية في دعم نمو القطاع.
وقال أسامة: “إن قطاع التمويل الاستهلاكي اليوم مبني على شراكة قوية ومنظمة مع النظام المصرفي”. “توفر البنوك تسهيلات ائتمانية وبرامج تمويلية محددة بوضوح تمكن شركات التمويل الاستهلاكي من تلبية الطلب المتزايد بطريقة آمنة ومستدامة.”
وأوضح أن هذا التعاون يعكس ثقة البنوك في سلامة محافظ التمويل الاستهلاكي وقوة ممارسات إدارة المخاطر في القطاع. وفي الوقت نفسه، فإنه يسلط الضوء على الدور المتوسع للتمويل الاستهلاكي في دعم الاقتصاد الحقيقي من خلال تحفيز الطلب وتعزيز القوة الشرائية للأسر.
وأضاف أسامة أن الاستعدادات جارية لاعتماد متطلبات كفاية رأس المال وفق بازل 3، واصفًا الخطوة بأنها معلم استراتيجي للقطاع. وقال: “إن معايير بازل 3 مصممة لتعزيز مرونة رأس المال وتعزيز ضوابط المخاطر”. “من المقرر أن تبدأ المرحلة التجريبية في يناير 2026، وتقوم الشركات بالفعل بمواءمة أنظمتها وهياكل رأس المال الخاصة بها تحسبًا.”
تعمل التكنولوجيا والإشراف على تعزيز جودة الائتمان
وقال أسامة فريد، الرئيس التنفيذي لشركة بريميوم كارد وعضو مجلس إدارة الاتحاد، إن القطاع يعمل الآن ضمن نظام بيئي حديث قائم على التكنولوجيا عزز بشكل كبير عملية صنع القرار والرقابة.
وقال فريد: “لقد أدت تحليلات البيانات المتقدمة، والتكامل عبر قواعد بيانات متعددة، وأنظمة مراقبة الاحتيال في الوقت الفعلي إلى تغيير الطريقة التي يعمل بها التمويل الاستهلاكي”. “لقد أدت هذه الأدوات إلى تحسين كفاءة القرارات الائتمانية وتعزيز المراقبة المستمرة للمحفظة.”
وأرجع الفضل إلى هيئة الرقابة المالية في لعب دور مركزي في هذا التقدم من خلال وضع معايير إشرافية واضحة وتشجيع استخدام التكنولوجيا لتنظيم تحويل النقد وضمان استخدام التمويل بشكل صارم للأغراض المقصودة. وبحسب فريد، فقد أدى هذا النهج التنظيمي إلى تعزيز جودة الائتمان، وتعزيز حماية المستهلك، وزيادة جاذبية القطاع للمستثمرين المحليين والدوليين.
وفي معرض حديثه عن مسألة التحويل النقدي، أشار فريد إلى أنها أصبحت أولوية إشرافية رئيسية. ويرتبط التمويل الآن بشكل مباشر بالموردين ومقدمي الخدمات المعتمدين، مما يحد من إساءة استخدام الأموال. وبالتوازي مع ذلك، تسمح أنظمة مكافحة الاحتيال الموحدة وتبادل البيانات المعزز بالكشف المبكر عن الأنماط غير الطبيعية، مما يحافظ على سلامة النشاط.
تمويل الاحتياجات الضرورية وليس الكماليات
وقال علي عبد الوهاب، المدير التنفيذي للتمويل الاستهلاكي بشركة بي تك وعضو مجلس إدارة الاتحاد، إن بيانات السوق تؤكد السلوك المسؤول للمستهلك المصري.
وقال عبد الوهاب: “تظهر التجربة أن التمويل الاستهلاكي في مصر يستخدم في المقام الأول لتلبية الاحتياجات الأساسية”. “يذهب الجزء الأكبر من التمويل نحو الغذاء والرعاية الصحية والتعليم ونفقات المعيشة الأساسية – وهي المجالات التي تشكل الحياة الأسرية اليومية بشكل مباشر.”
وأكد أن نمط الاستخدام هذا يبدد المخاوف بشأن الاقتراض المفرط أو المضارب، ويؤكد دور القطاع في مساعدة الأسر على إدارة التزاماتها مع الحفاظ على مستوى معيشي معقول. وسلط عبد الوهاب الضوء أيضًا على مساهمة القطاع في الشمول المالي الرسمي، مشيرًا إلى أن ملايين المستهلكين أصبح لديهم الآن تاريخ ائتماني راسخ لأول مرة.
وقال: “إن هذا التطور يعزز حماية المستهلك، ويدعم ثقافة مالية أكثر نضجا، ويوسع الوصول إلى تمويل آمن ومنظم”.
نتطلع إلى عام 2026
وقال الصندوق إن عام 2026 سيمثل المرحلة التالية في تطور قطاع التمويل الاستهلاكي في مصر. وتشمل الأولويات الرئيسية زيادة التوسع في الخدمات الرقمية، ودخول لاعبين جدد يعتمدون على التكنولوجيا المالية، وإطلاق المرحلة التجريبية لبازل 3 لتعزيز الاستقرار على المدى الطويل.
وأعلن الاتحاد أيضًا عن خطط لطرح مبادرات جديدة للتوعية والتعليم تهدف إلى تحسين المعرفة الائتمانية الاستهلاكية، وتطوير قدرات البيانات والتحليلات، وتعزيز قدرة الشركات على الوصول إلى العملاء في المحافظات خارج المراكز الحضرية الرئيسية.
وخلص الاتحاد إلى أنه “مع التنظيم القوي والنمو المنضبط والرؤية الإستراتيجية الواضحة، فإن التمويل الاستهلاكي في وضع جيد لمواصلة دعم الأسر المصرية والمساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة”.