العد التنازلي للعظمة: المتحف المصري الكبير يفتح أبوابه في الأول من نوفمبر

فريق التحرير

من المقرر افتتاح المتحف المصري الكبير، الذي من المقرر أن يصبح أكبر متحف أثري في العالم، في الأول من نوفمبر. وسيحضر هذا الحدث المرموق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى جانب جمع غير مسبوق من رؤساء الدول والملوك وقادة الحكومات من جميع أنحاء العالم. وأكد محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء المصري، أنه من المتوقع أن يحضر المؤتمر ما لا يقل عن 40 من قادة العالم، إلى جانب العديد من الوزراء وكبار المسؤولين.

فجر جديد للعجائب القديمة

أعجوبة معمارية وموقع متميز

يقع المتحف المصري الكبير على هضبة الجيزة، ويتمتع بموقع استثنائي يواجه مباشرة الأهرامات الثلاثة الشهيرة. ويمزج تصميمه المعماري الفريد، الذي ابتكرته الشركة الأيرلندية هينيغان بينغ، بسلاسة بين الهندسة الحديثة والرمزية الفرعونية القديمة. ويتوافق هيكل المتحف مع أشعة الشمس، حيث يمتد من قمم الأهرامات ليلتقي في قلبه، مما يخلق مشهدًا بصريًا يحبس الأنفاس. بدأ البناء في عام 2005، وانتهى في عام 2021، وتلاه استعدادات دقيقة للتركيبات والترميم وتدريب الموظفين.

يغطي المتحف المصري الكبير مساحة 500.000 متر مربع، مع 120.000 متر مربع مخصصة للحدائق المورقة، وهو أكثر من مجرد متحف؛ إنها رحلة غامرة عبر آلاف السنين من التاريخ المصري. تمتد قاعات العرض الـ 12 من عصور ما قبل الأسرات إلى نهاية العصر الروماني في مصر، وتعرض أكثر من 100 ألف قطعة أثرية.

مجموعات غير مسبوقة

ملاذ الفرعون الذهبي: الكشف عن كنوز توت عنخ آمون

ومن أبرز المعالم المنتظرة في المتحف المجموعة الكاملة لكنوز الملك توت عنخ آمون. ولأول مرة منذ اكتشاف مقبرته في عام 1922، سيتم عرض أكثر من 5000 قطعة أثرية تعود إلى “الفرعون الذهبي” بالكامل، مما أكسب المتحف المصري الكبير لقب “منزل توت”.

في السابق، لم يتم عرض سوى عناصر مختارة، مثل القناع الذهبي الشهير، في المتحف المصري بالتحرير، مع بقاء العديد من القطع الأخرى التي لا تقدر بثمن في المخزن. والآن، بعد ترميمها وإعدادها بدقة، سيتم أخيرًا الكشف عن هذه الكنوز للجمهور – بما في ذلك ختم توت عنخ آمون، والدرع الجلدي الذي لم يُرى من قبل، وحتى الأجنة المحنطة التي تم اكتشافها في غرفة دفنه. سيتم أيضًا جمع عربات توت عنخ آمون الحربية الست، التي كانت منتشرة في العديد من المتاحف، في عرض واحد. الشيء الوحيد الذي لم يقم بالرحلة هو مومياء توت عنخ آمون، والتي ستبقى دون إزعاج في مثواها الأصلي في وادي الملوك.

ومن بين المعروضات المذهلة الأضرحة الخشبية الأربعة المذهبة للملك توت عنخ آمون، والتي تم نقل أكبرها بشق الأنفس من المتحف المصري في التحرير. هذه المزارات، التي تم اكتشافها في مقبرته بالأقصر في نوفمبر 1922، موجودة الآن في واجهات عرض حديثة يتم التحكم فيها بيئيًا وتبلغ مساحتها حوالي 7200 متر مربع، مكتملة برسومات متقدمة وشاشات تفاعلية لتعزيز تجربة الزائر.

ما وراء توت: عروض مميزة أخرى

  • المسلة المعلقة:تحية الزوار في الساحة الخارجية هي “المسلة المعلقة” المهيبة للملك رمسيس الثاني، والتي تم نقلها من صان الحجر. ويتيح عرضه المبتكر على قاعدة مرتفعة لأول مرة منذ 3500 عام، رؤية خرطوش رمسيس الثاني، المخبأ منذ آلاف السنين في قاعدته. رمسيس الثاني، أحد أشهر فراعنة مصر القديمة، حكم خلال عصر الدولة الحديثة من عام 1279 إلى 1213 قبل الميلاد تقريبًا.
  • تمثال رمسيس الثاني:يعد تمثال رمسيس الثاني الضخم المصنوع من الجرانيت الوردي، والذي يبلغ ارتفاعه 11.30 مترًا ووزنه 83.4 طنًا، أول قطعة أثرية ضخمة ترحب بالزوار في البهو الكبير بالمتحف. تم اكتشاف هذا التمثال الرائع عام 1820، وتم نقله إلى ميدان رمسيس بالقاهرة عام 1955 قبل نقله النهائي إلى المتحف المصري الكبير عام 2006.
  • عمود مرنبتاح:ويوجد أيضًا في القاعة الكبرى عمود من الجرانيت الوردي للملك مرنبتاح ابن رمسيس الثاني. تم اكتشاف هذا العمود عام 1970 في مدينة أون (عين شمس)، ويبلغ طوله 5.60 مترًا، ويزن 13 طنًا، وهو مزين بنقوش هيروغليفية تحكي انتصار مرنبتاح الحاسم في معركة مشهورة خلال عامه الخامس في الحكم.
  • الدرج الكبير:قبل الصعود إلى قاعات العرض الرئيسية، يمكن للزوار استكشاف 59 قطعة أثرية ضخمة تصطف على جانبي “الدرج الكبير”. تعرض طريقة العرض الفريدة هذه بعضًا من أروع وأثقل المنحوتات في مصر القديمة، والتي تمتد من عصر الدولة القديمة إلى العصر اليوناني الروماني، وبلغت ذروتها في منظر بانورامي خلاب للأهرامات من شرفة زجاجية.

مراكب خوفو الشمسية

وفي مبنى منفصل ومخصص بجوار المتحف الرئيسي، يمكن للجمهور استكشاف “مراكب خوفو” أو “مراكب الطاقة الشمسية” الرائعة. سيتم عرض القارب الأول مما يتيح للزوار التجول فيه ومشاهدته من جميع الزوايا. وسيتم تخصيص قسم ثانٍ من المتحف للقارب الثاني، مما يوفر فرصة فريدة لمشاهدة عملية الترميم والتجميع المستمرة، والتي من المتوقع أن تستغرق من خمس إلى سبع سنوات. تمثل هذه القوارب المصنوعة من خشب الأرز، والتي يعود تاريخها إلى أكثر من 4600 عام، بعضًا من أقدم المصنوعات اليدوية العضوية للإنسانية.

العد التنازلي للعظمة: المتحف المصري الكبير يفتح أبوابه في الأول من نوفمبر

العد التنازلي للعظمة: المتحف المصري الكبير يفتح أبوابه في الأول من نوفمبر

أيقونة خضراء ومستدامة

حصل المتحف المصري الكبير على اعتراف عالمي باعتباره أول متحف أخضر معتمد في أفريقيا والشرق الأوسط. وهي حاصلة بكل فخر على شهادة “Edge Advance” للمباني الخضراء من مؤسسة التمويل الدولية، عضو مجموعة البنك الدولي. وتعكس هذه الجائزة التزامها بكفاءة استخدام الطاقة، واستخدام الطاقة النظيفة في البناء، ودمج الخلايا الشمسية وأنظمة الإضاءة والتهوية الطبيعية.

حصل المتحف أيضًا على ثماني شهادات ISO في مجالات الطاقة والصحة والسلامة المهنية والإدارة البيئية والجودة، بالإضافة إلى حصوله على جائزة “أفضل مشروع للمباني الخضراء”. كما حصلت على الشهادة الذهبية للأبنية الخضراء والاستدامة في ظل نظام الهرم الأخضر المصري من المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء.

يتضمن التصميم الحديث للمتحف المصري الكبير قاعات عرض متقدمة وبعضًا من أكبر مختبرات الحفظ في العالم، القادرة على استقبال آلاف السياح يوميًا. تم اختيار التصميم الحالي من بين 1583 مشاركة دولية في مسابقة أشرفت عليها اليونسكو والاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين، وفازت بها في النهاية شركة الهندسة المعمارية الأيرلندية ومقرها دبلن بسبب ارتباطها المبتكر بالأهرامات.

العد التنازلي للعظمة: المتحف المصري الكبير يفتح أبوابه في الأول من نوفمبر

العد التنازلي للعظمة: المتحف المصري الكبير يفتح أبوابه في الأول من نوفمبر

جدول زمني للرؤية والمرونة

ظهرت رؤية المتحف المصري الكبير في التسعينيات، بهدف إنشاء أكبر متحف في العالم مخصص للحضارة المصرية القديمة.

  • فبراير 2002:تم وضع حجر الأساس بالقرب من أهرامات الجيزة بعد الدراسات الأولية.
  • 2002:وأطلقت مصر مسابقة معمارية دولية لتصميم المتحف، برعاية منظمة اليونسكو والاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين.
  • يونيو 2003:وفاز بالمسابقة اتحاد أيرلندي صيني بتصميم يصور المتحف ككتلة مخروطية الشكل تلتقي فيها أشعة الشمس المنبعثة من الأهرامات الثلاثة، فتظهر كالهرم الرابع من الأعلى.
  • مايو 2005:بدأ البناء رسميًا بقرض تنمية من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA).
  • 2006:تم إنشاء مركز الحفاظ على الآثار لترميم القطع الأثرية وإعدادها للعرض.
  • يونيو 2010:وتم افتتاح مركز الترشيد ومحطة الطاقة الكهربائية ومحطة إطفاء الحرائق بعد الانتهاء من المرحلتين الأوليين من المشروع.
  • يناير 2011:توقف العمل بسبب الانتفاضة الشعبية.
  • 2014:وأعاد الرئيس عبد الفتاح السيسي المشروع.
  • 2016:أنشأ قرار مجلس الوزراء هيئة المتحف المصري الكبير.
  • يناير 2018:تم نقل تمثال الملك رمسيس الثاني إلى موقع المتحف، ليصبح أول قطعة أثرية مقيمة بالمتحف.
  • 2021:تم الانتهاء من الإنشاءات التي تشمل صالة المدخل والدرج الكبير وقاعات الملك توت عنخ آمون ومتحف الأطفال ومباني الخدمات وحجز التذاكر والأمن وأنظمة المراقبة ومواقف السيارات.
  • 16 أكتوبر 2024:بدأ المتحف، المصمم لاستيعاب أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، تشغيله التجريبي.
  • 25 فبراير 2025:وخططت الحكومة المصرية في البداية لإقامة حفل افتتاح رسمي في 3 يوليو. ومع ذلك، أدت التوترات السياسية الإقليمية إلى تأجيل المؤتمر حتى الأول من نوفمبر.

يقف المتحف المصري الكبير بمثابة شهادة على تراث مصر الغني والتزامها بالحفاظ عليه وعرضه للعالم. إنها تَعِد بتجربة ثقافية لا مثيل لها، تمزج بين العجائب القديمة وعلم المتاحف المتطور، لتبهر الزوار لأجيال قادمة.

شارك المقال
اترك تعليقك