افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الخميس، قمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي، حيث يتولى الرئاسة الدورية للمنظمة. وتعقد القمة في العاصمة الإدارية الجديدة لمصر تحت عنوان “الاستثمار في الشباب ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة: نحو تشكيل اقتصاد الغد”.
وقد استقطب هذا الحدث زعماء الدول الأعضاء في مجموعة الثماني، إلى جانب ممثلين من الدول النامية الأخرى، ومختلف المنظمات الإقليمية والدولية. وخلال الجلسة الافتتاحية، أكد المتحدث باسم الرئاسة أن الرئيس السيسي تولى رسميا رئاسة مجموعة الثماني.
وشدد الرئيس السيسي في خطابه الافتتاحي على ضرورة تعزيز التعاون بين البلدان النامية لمواجهة التحديات العالمية. وبدأ كلمته بالترحيب بالحضور قائلاً: أصحاب السعادة رؤساء الدول والحكومات ورؤساء الوفود المشاركة؛ وسعادة إيسكا عبد القادر إمام، الأمين العام لمنظمة الثماني النامية للتعاون الاقتصادي؛ أرحب بكم جميعًا في مصر، وتحديدًا في العاصمة الإدارية الجديدة، الموقع المشبع بأهمية ثقافية وتاريخية وتنموية. تمتلك كل دولة من دولنا تاريخًا وحضارة وثقافة فريدة، فضلاً عن خصائصها الاقتصادية الخاصة. وهذا التنوع يثري منظمتنا، ويعزز التضامن والتكامل والجهود التعاونية بيننا.
وأعرب الرئيس السيسي عن شكره لرئيس الحكومة المؤقتة محمد يونس لجهود بلاده خلال فترة رئاستها لمجموعة الثماني. كما وجه الشكر لأمانة المنظمة وعلى رأسها الأمين العام إيسكا إمام على جهودهم في الإعداد للقمة.
“تنعقد اليوم قمة مجموعة الثماني الحادية عشرة تحت شعار: “الاستثمار في الشباب ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة: نحو تشكيل اقتصاد الغد”. ويكتسب هذا الموضوع أهمية كبيرة لأنه يركز على الاستثمار في الشباب، الذين يشكلون أساس دولنا الآن وفي المستقبل. كما يؤكد على الأهمية الاقتصادية لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، التي تعد محركات حاسمة للتنمية في البلدان النامية.
وأشار الرئيس السيسي إلى توقيت انعقاد القمة، مسلطًا الضوء على “التحديات والأزمات غير المسبوقة” التي تواجه العالم، وخاصة منطقة الشرق الأوسط. وأشار إلى الصراعات والحروب المستمرة، إلى جانب تزايد الحمائية الاقتصادية والتجارية والمعايير المزدوجة.
“إن الصراع الإسرائيلي المستمر ضد الشعب الفلسطيني، في تحدٍ للقرارات الدولية، يجسد هذه التحديات. وهذا الصراع يهدد بالتصعيد والانتشار إلى بلدان أخرى، كما رأينا في لبنان وسوريا، حيث تتعرض السيادة والسلامة الإقليمية للهجوم. إن احتمال حدوث المزيد من التصعيد الإقليمي يحمل عواقب سياسية واقتصادية خطيرة على الجميع. وقال السيسي: انطلاقا من مسؤوليتنا المشتركة في التضامن مع الشعبين الفلسطيني واللبناني، خصصنا جلسة خاصة للقمة لبحث الأوضاع في فلسطين ولبنان.
واعترف كذلك بالصعوبات الكبيرة التي تواجهها الدول النامية في تحقيق الرخاء والتنمية، والتي تفاقمت بسبب نقص التمويل، وارتفاع الديون، واتساع الفجوة الرقمية والمعرفية، وارتفاع معدلات الفقر والجوع والبطالة، خاصة بين الشباب. وذكر أن هذه العوامل تعيق البلدان النامية عن تحقيق تقدم كبير ومستدام.
وشدد الرئيس السيسي على أن مواجهة هذه التحديات تتطلب تكثيف الجهود المشتركة من خلال المشاريع والمبادرات التعاونية. وسلط الضوء على مجالات التعاون الرئيسية، بما في ذلك الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والاقتصاد الرقمي، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، والزراعة، والتصنيع، والطاقة الجديدة والمتجددة – وخاصة الهيدروجين الأخضر – ودعم تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وقال الرئيس السيسي: “على الرغم من اختلاف اقتصاداتنا، إلا أننا جميعا ندرك أهمية تبادل التجارب الناجحة للوصول إلى أهداف التنمية المستدامة. ومصر على استعداد تام لمشاركة نجاحاتها مع أعضاء مجموعة الثماني الآخرين، وخاصة تجاربها في تنفيذ مبادرات مثل “الحياة الكريمة” و”التضامن والكرامة”، بالإضافة إلى مشروعات البنية التحتية. ثم أعلن عن المبادرات التالية خلال رئاسة مصر لمجموعة الثماني:
“أولاً: إنشاء “شبكة مديري المعاهد والأكاديميات الدبلوماسية” لتعزيز التعاون وبناء قدرات الدبلوماسيين في التعامل مع القضايا العالمية المعاصرة”.
“ثانياً: إطلاق مسابقة إلكترونية لطلبة ما قبل الجامعة في الدول الأعضاء، تركز على العلوم والهندسة والتقنيات التطبيقية”.
“ثالثاً: إنشاء “شبكة التعاون بين مراكز الفكر الاقتصادي” في الدول الأعضاء لتبادل الأفكار ووجهات النظر حول تحسين التعاون الاقتصادي والاستثماري، فضلاً عن تعزيز التجارة”.
“رابعاً: تنظيم اجتماعات دورية لوزراء الصحة من الدول الأعضاء، على أن تستضيف مصر الاجتماع الافتتاحي عام 2025، لبحث كيفية الاستفادة المثلى من التطبيقات التكنولوجية والعلمية المتقدمة لتطوير هذا القطاع الحيوي”.
كما أعلن الرئيس السيسي عزم مصر التصديق على اتفاقية التجارة التفضيلية لمجموعة الثماني، مشيراً إلى أهميتها لتعزيز التجارة بين الدول الأعضاء. وختم قائلا: “أتمنى لكم كل التوفيق في مباحثاتنا المقبلة، التي ستساعدنا على تحقيق أهدافنا المشتركة، وتحقيق آمال شعبنا، وبناء مستقبل أفضل بإذن الله”.
تأسست منظمة الثماني للتعاون الاقتصادي، والمعروفة أيضاً باسم الدول الثماني النامية، في إسطنبول عام 1997. وهي تضم بنجلاديش، ومصر، وإندونيسيا، وإيران، وماليزيا، ونيجيريا، وباكستان، وتركيا. الهدف الأساسي للمنظمة هو تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء فيها، والذي يهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي، واستدامة التنمية، ورفع مستويات المعيشة. ويتم تحقيق ذلك من خلال تركيز الجهود على تحسين وتعزيز التعاون في العديد من المجالات الرئيسية بما في ذلك الزراعة والتجارة والنقل والصناعة والطاقة والسياحة.