الساحل الشمالي: منطقة جاهزة للعمل على مدار العام

فريق التحرير

تتخذ الحكومة المصرية خطوات استراتيجية لتحويل الساحل الشمالي إلى وجهة سياحية على مدار العام، متجاوزة بذلك مكانته التقليدية كنقطة جذب موسمية. ويتضمن هذا تحسينات واسعة النطاق للبنية الأساسية، وتشجيع تطوير الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم والضيافة التي يمكن أن تدعم التدفق المستمر للسكان والسياح.

ومن خلال التركيز على توفير هذه الخدمات الأساسية على مدار العام، تهدف الحكومة إلى جعل الساحل الشمالي منطقة عاملة بكامل طاقتها، لا تجتذب زوار الصيف فحسب، بل وأيضًا المقيمين الدائمين والسياح خارج الموسم. ويشكل تطوير مناطق مثل رأس الحكمة جزءًا مهمًا من هذه الرؤية، مع مشاريع مصممة لضمان تزويد المنطقة بالموارد المستدامة والمرافق الحديثة ووسائل الراحة التي تلبي احتياجات الترفيه والمعيشة اليومية.

بالإضافة إلى ذلك، استجاب المطورون في المنطقة بتوسيع عملياتهم، وضمان استمرار عمل المجمعات السكنية والفنادق حتى في أشهر الشتاء. ويهدف هذا التحول إلى تحفيز الاقتصادات المحلية، وتعزيز السياحة، ووضع الساحل الشمالي كوجهة رئيسية على مدار العام في مصر.

توفير الخدمات الحيوية

أكد هشام الدناصوري، الرئيس التنفيذي لشركة نايا للتطوير العقاري، أن الحكومة اتخذت خطوات جادة لجعل الساحل الشمالي وجهة سياحية طوال العام، مشيرا إلى أن بعض المطورين العقاريين الذين يمتلكون مجتمعات سكنية وفنادق في المنطقة مددوا خدماتهم حتى بداية فصل الشتاء.

وأكد الدناصوري أهمية توفير الخدمات الأساسية، خاصة الفنادق التي يجب أن تعمل طوال العام، والخدمات الحيوية مثل المنشآت الطبية والتعليمية عالية الجودة، موضحًا أن تطوير منطقة رأس الحكمة سيساهم بشكل كبير في جعل الساحل الشمالي وجهة سياحية متكاملة طوال العام.

إمكانات السوق

أكد محمد عبدالله الرئيس التنفيذي لشركة DEN للاستشارات العقارية، أن التحدي الأكبر لتشغيل الساحل الشمالي على مدار العام هو طقس الشتاء الذي لا يناسب المصريين ولكنه مناسب للأوروبيين، لذلك نحتاج إلى استراتيجية ترويجية جيدة لجذب هؤلاء السياح، مشيرا إلى أن تقديم خدمات غير موسمية مثل التعليم ساهم في جذب الأسر للاستقرار في المنطقة.

وأضاف أن الساحل الشمالي شهد زيادة في المبيعات هذا العام، خاصة بين المصريين المقيمين بالخارج والأوروبيين من دول مثل بلجيكا وفرنسا وإيطاليا، مقارنة بالأعوام السابقة، وهو ما يعد ضمانة لاستمرار عمل المنطقة على مدار العام.

من جانبه، يرى أحمد زكي، الرئيس التنفيذي لشركة ذا بورد كونسلتينج المتخصصة في الدراسات العقارية، أنه يمكن تنفيذ أفكار متعددة لجعل الساحل الشمالي وجهة جاذبة طوال العام وليس فقط خلال موسم الصيف، ومن بين هذه الأفكار إنشاء مناطق حرة وتوفير المصانع وفرص العمل الحقيقية، خاصة وأن الساحل الشمالي يتمتع بطقس مناسب لأكثر من عشرة أشهر في العام.

ليس للمعوزين

وقال زكي إن الساحل الشمالي معروف بمنتجعاته السياحية الباهظة الثمن، ما يجعله غير متاح لكل الطبقات الاجتماعية، لكنه أكد أن المنطقة لديها القدرة على التحول إلى وجهة سياحية شاملة تلبي كافة شرائح المجتمع، على غرار مدينتي نيس وكان الفرنسيتين، وذلك من خلال تعزيز التعاون بين المشروعات الحكومية والقطاع الخاص، فضلاً عن إنشاء نظام الرهن العقاري لتمويل الوحدات العقارية وتشجيع الشراء في الساحل الشمالي.

وتوقع زكي استقرار أسعار العقارات في الساحل الشمالي ما لم يحدث تحرك كبير في سعر صرف الدولار، مشيرا إلى أن الأسعار لن ترتفع كما حدث في الأشهر الأولى من العام عندما تضاعف عدد المشروعات الجديدة، مشيرا إلى أن مجموعة طلعت مصطفى نجحت من خلال مشروعها الجديد ساوث ميد في مضاعفة عدد الطرح العقاري في الساحل الشمالي مقارنة بالعام الماضي، ما أدى إلى زيادة كبيرة في عدد الوحدات المتاحة في المنطقة.

30 سنة لشراء العقارات

وبحسب الأسعار الموجودة على منصة بروبرتي فايندر، وصل أقل سعر لشقة في منطقة سيدي عبد الرحمن بالساحل الشمالي إلى 5 ملايين جنيه مصري (103 ألف دولار).

وبحسب بيانات البنك الدولي، بلغ متوسط ​​الدخل السنوي للمواطن المصري 3512 دولاراً في عام 2023، مقارنة بـ 4295 دولاراً في عام 2022. كما انخفض معدل نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.2% في عام 2023 من 4.9% في عام 2022.

وبناء على هذه البيانات، فإن المواطن المصري المتوسط ​​الذي يبلغ دخله السنوي 3512 دولارا، سيحتاج إلى ما يقرب من 30 عاما، دون أي نفقات معيشية أو مدخرات إضافية، لشراء الوحدة الأقل تكلفة على الساحل الشمالي بسعر 5 ملايين جنيه مصري (103 آلاف دولار).

الفخامة تحدد السعر

أكد مصطفى عبد الفتاح، مستشار أبحاث التسويق، أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تؤثر على أسعار الشركات ومقدمي الخدمات، مثل المقاهي والمطاعم، خاصة في مناطق مثل الساحل الشمالي.

الجانب المالي: يشمل ذلك تكلفة إدارة المكان. حيث تعد الإيجارات على الساحل الشمالي من بين الأعلى في مصر، وترتفع تكاليف العمالة بسبب الحاجة إلى استيراد الموظفين وتوفير السكن وتقديم رواتب أعلى. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الافتقار إلى سلاسل التوريد المحلية إلى زيادة تكاليف الشحن اليومية للمنتجات، وخاصة المنتجات الطازجة.

الجانب التسويقي: أشار عبد الفتاح إلى أن المستثمرين في الساحل الشمالي يستهدفون العملاء من ذوي الدخل المرتفع من المغتربين والأثرياء العرب، ويضعون أسعارًا تعكس المستوى المطلوب من الرفاهية، وتعكس الأسعار المرتفعة خصوصية الموقع والقدرة المالية لرعاته.

العامل الموسمي: يتأثر التسعير أيضًا بموسم الصيف القصير (3-4 أشهر)، مما يعني تركيز تكاليف التشغيل خلال هذه الفترة، مما يؤدي إلى زيادة أسعار المستهلك. تهدف الشركات إلى تحقيق أرباح مناسبة مع مراعاة كل من التكاليف والطبيعة الموسمية للأعمال.

شارك المقال
اترك تعليقك