في خطوة محورية لتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للاستثمار العقاري والسياحي، اجتمع تحالف من قادة الصناعة والمطورين وصانعي السياسات لرسم استراتيجية موحدة لتشجيع صادرات العقارات وجذب المستثمرين الأجانب. وقد ضمت المائدة المستديرة، التي كانت تحت عنوان “الصادرات العقارية المصرية: التحديات والفرص”، نخبة متميزة من القطاعين العام والخاص لتوحيد الجهود في إطار رؤية وطنية متماسكة.
بناء استراتيجية متماسكة للصادرات العقارية
ويهدف الاجتماع إلى صياغة خارطة طريق شاملة لتوسيع صادرات مصر العقارية، وهو قطاع ناشئ يكتسب زخمًا في ضوء مبادرات التنمية الحضرية المستمرة التي تنفذها الحكومة وزيادة الاهتمام الدولي بالعقارات المصرية.
وتركزت المناقشات على الكيفية التي يمكن بها للشراكات المنسقة بين القطاعين العام والخاص تسريع التنفيذ وإطلاق القيمة عبر قطاعات متنوعة، بما في ذلك المناطق التراثية والمنتجعات والتطورات الحضرية الجديدة. ومع التركيز على المساكن ذات العلامات التجارية، ومجتمعات نمط الحياة، والمشاريع التي تقودها الضيافة، سلطت اللجنة الضوء على كيف يمكن للنماذج المتكاملة مثل الفنادق والتطورات متعددة الاستخدامات وأدوات الاستثمار المبتكرة أن تكون بمثابة محركات للنمو.
ومن خلال ربط رأس المال العالمي بالثروة الثقافية لمصر، تسعى المبادرة إلى تعزيز دور البلاد كوجهة إقليمية رائدة للسياحة والاستثمار.
العلمين الجديدة: نموذج للتنمية السياحية الحضرية المتكاملة
أكد عبد الخالق إبراهيم، نائب وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، على النهج الاستراتيجي وراء تطوير مدينة العلمين الجديدة منذ عام 2016. وأوضح أن إطلاق الأبراج السكنية على طول الساحل الشمالي كان خطوة مقصودة لجعل المدينة وجهة على مدار العام للسياح الدوليين والمحليين. وأشار إلى أسوان كمثال ناجح للحفاظ على الهوية الثقافية مع تطوير السياحة العلاجية والتراثية.
وأكد إبراهيم أنه على الرغم من أن البنية التحتية المتقدمة في مصر توفر أساسًا قويًا لنمو السياحة، إلا أن رفع مستوى جودة الخدمة ورأس المال البشري يجب أن يسبق أي زيادة في أعداد الزوار. واعترف بأن جذب الشركات الدولية ورؤوس الأموال الأجنبية يظل هدفًا رئيسيًا للعلمين الجديدة، على الرغم من أن تحقيق التوازن بين المشاركة المحلية والأجنبية لا يزال يمثل تحديًا.
كما أعلن عن خطط لعقد مؤتمر قادم في العلمين الجديدة يهدف إلى التوفيق بين الاستثمارات المحلية والدولية في مجال السياحة. وتحقيقا لهذه الغاية، أكد على الحاجة إلى تسويق أكثر فعالية للمنتجات العقارية، الأمر الذي من شأنه بناء ثقة المستثمرين ومعالجة الاستراتيجيات الترويجية الضعيفة.
كما تم تحديد تبسيط إجراءات تسجيل المشروعات وترخيصها، وتعزيز حوافز الاستثمار، وتسريع التحول الرقمي من خلال مبادرة المدن الذكية في مصر، كعوامل تمكين حيوية للكفاءة والابتكار على مستوى القطاع.
صندوق التنمية العمرانية يعيد إحياء مدن مصر التاريخية
أكد خالد صديق، رئيس صندوق التنمية العمرانية (UDF)، على مهمة الصندوق المستمرة لتنشيط المناطق التاريخية في مصر، وخاصة في القاهرة، مع التوسعات المخطط لها في رشيد والإسكندرية. وأوضح أن ترميم القاهرة التاريخية لا يقتصر على التجديد العمراني فحسب، بل يتعلق أيضًا باستعادة مكانتها كواحدة من أكثر مدن التراث سحراً في العالم.
وأوضح صديق تعاون UDF مع وزارة السياحة والآثار في دراسات الجدوى لإعادة تطوير المناطق المتدهورة. وفي كثير من الحالات، استحوذت الحكومة على العقارات وديًا من السكان بقيمة سوقية عادلة للحفاظ على العمارة الإسلامية وتحويلها إلى فنادق صغيرة تلبي احتياجات السياح الدوليين. ومن الأمثلة البارزة على ذلك حديقة الفسطاط، التي تضم أكثر من 400 ألف غرفة فندقية وتوضح كيف يمكن تحويل المساحات المهملة إلى مراكز سياحية نابضة بالحياة.
هيئة السياحة: مصر تدخل مرحلة النمو والإقلاع
تحدث مصطفى منير، الرئيس التنفيذي لهيئة التنمية السياحية، عن التقدم الذي حققته مصر منذ عام 2013، والذي تميز ببناء مدن جديدة وتنشيط المناطق العشوائية. وذكر أن البلاد تدخل الآن مرحلة “التعزيز والانطلاق” مدعومة بمؤشرات سياحية قوية.
وذكر أن مصر استقبلت 16 مليون سائح العام الماضي، وهو رقم واعد، رغم أنه لا يزال أقل من إمكاناتها مقارنة بالمنافسين الإقليميين مثل الإمارات العربية المتحدة، التي تستقبل حوالي 57 مليون سائح سنويًا. ووصلت معدلات الإشغال الفندقي إلى 95%، مدفوعة بالطلب العالمي وتنوع شرائح الزوار وزيادة الإنفاق السياحي.
وكشف منير أن مصر استثمرت ما يقرب من 5 تريليون جنيه مصري في قطاع السياحة منذ التسعينيات، حيث تركز 95٪ من مشاريع البحر الأحمر على الضيافة بدلاً من الوحدات السكنية لدعم النمو المستدام. وتستهدف الهيئة إضافة 334 ألف غرفة فندقية جديدة في المستقبل القريب.
وشدد على وجود لوائح تخطيط بيئية ومكانية صارمة للحفاظ على السلامة البيئية لكل وجهة. تم الاستشهاد بمرسى علم، المعروفة بشعابها المرجانية البكر، كنموذج للسياحة البيئية. واختتم منير كلمته بالتأكيد على أن أداء السياحة في مصر يظهر “نموًا غير مسبوق”، مما يوفر فرصًا ممتازة للمستثمرين الجادين الذين يبحثون عن عوائد مستدامة وعالية القيمة.
الهيئة العامة للاستثمار تعمل على تعزيز مناخ الاستثمار من خلال إصلاح التراخيص
أشاد محمد يوسف، مستشار الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، بالخطوات التي تم تحقيقها في قطاعي السياحة والآثار، مستشهداً بالمتحف المصري الكبير باعتباره مشروعًا استثماريًا عالميًا بارزًا. وأشار إلى أن الاستثمارات الخليجية تحولت بشكل متزايد إلى منطقة البحر الأحمر بعد طفرة الساحل الشمالي بعد عام 2013، مما يعكس ثقة المستثمرين المستمرة في السوق المصرية المتنوعة.
وشدد يوسف على أن الحكومة تقدم حزمة قوية من الحوافز والدعم الإجرائي للمستثمرين. ومن الجدير بالذكر أن المشاريع تعتبر مكتملة بمجرد وصولها إلى 80٪ من البناء، ويتيح نظام الترخيص الذهبي الحصول على موافقات مبسطة ونافذة واحدة لجميع التصاريح المطلوبة – مما يبسط الجداول الزمنية لإطلاق المشروع بشكل كبير.
وأضاف أن الهيئة العامة للاستثمار تواصل التعاون مع هيئات مثل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لضمان التنفيذ السلس للمشروعات وتكامل أقوى بين المستثمرين المحليين والدوليين. كما أطلقت الهيئة أيضًا منصات رقمية لتسهيل الشفافية والكفاءة والمساهمة في تحقيق أهداف التحول الرقمي الأوسع في مصر، وبالتالي تحسين مناخ الاستثمار العام.
إيجوث تقود الاستثمار الفندقي التراثي والتكامل القطاعي
أوضح هشام الدميري، الرئيس التنفيذي للشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق (إيجوث)، الدور الحاسم للمنظمة في تحفيز الاستثمار السياحي من خلال إدارة الأصول الفندقية التاريخية في مصر. وأكد أن التنسيق الوثيق بين قطاعي السياحة والعقار، إلى جانب الدعم الحكومي، أمر ضروري لتحقيق التنمية المستدامة والمتكاملة.
وشدد الدميري على التركيز الاستراتيجي لإيجوث على تحديث محفظة أصولها من خلال الشراكات ومشاريع الترميم. ومن بين المبادرات الرائدة إعادة بناء فندق كونتيننتال وإعادة تطوير فندق شيبرد، والذي من المقرر الانتهاء منه بحلول منتصف عام 2027. ولا تهدف هذه الجهود إلى استعادة التراث المعماري فحسب، بل تهدف أيضًا إلى رفع معايير الخدمة.
وأشار إلى أن إحياء قلب القاهرة التاريخي يمثل أولوية وطنية تتجاوز المصالح التجارية، مما يعكس رؤية حضرية أوسع متجذرة في الحفاظ على الثقافة. وتقوم إيجوث أيضًا بابتكار نماذج الإدارة والاستثمار الخاصة بها لضمان النجاح التشغيلي على المدى الطويل.
وبالنظر إلى المستقبل، كشف الدميري عن خطط لتوسيع البصمة التعليمية لإيجوث. تدير المنظمة حاليًا خمسة معاهد للسياحة والضيافة في الأقصر والإسكندرية والإسماعيلية وتعتزم إطلاق مؤسسة جديدة – جامعة إيجوث – لتدريب المهنيين المستقبليين ورفع جودة القوى العاملة عبر قطاع السياحة.