عبادة الحج بدأت مع سيدنا إبراهيم عليه السلام، من بعد بناء الكعبة مع ولده سيدنا إسماعيل، وأغلب شعائر الحج مرتبطة بقصة سيدنا إبراهيم وسعي السيدة هاجر بين الصفا والمروة، وفدية النبي إسماعيل بذبح خروف، وكانت مكة ومازلت مركزي ديني هام لكل المنتسبين للإسلام، وقديمًا كانت لعموم العرب، وأغلب العرب قبل الإسلام كانوا يعبدون الأصنام ويشركون بالله، ولكنهم مع ذلك كانوا يقومون بالحج إلى الكعبة، وفي هذا المقال سنتناول بعض طقوس الحج في مكة قبل الإسلام، وكيف كان العرب يحجون في زمن الجاهلية.
الطواف حول الكعبة
كان قبائل العرب يأتون للطواف حول الكعب عراة رجالًا ونساءً، وكان بعض النساء يطفن ليلًا حتى تستر، (وكان بعض القبائل مثل قريش لا يطوفون عراة) متعللين بذلك ألا يطوفون حول الكعبة في ملابس قد عصوا الله فيها، حتى صنعت قريش ثيابًا خصيصًا للحج، ولكن من لا يقدر على شراءه كان يطوف عاريًا. وكان لكل قبيلة تلبية مختلفة مثل قول قبيلة عك: “نحن غراب عك عك .. عُك إليك عانية” وأحيانًا تختلف التلبية حسب الصنم الذي يعبدونه.
السعي ما بين الصفا والمروة
كان هناك أصنام عند جبلي الصفا والمروة مثل ما كان حول الكعبة، وكان أيضًا التجار يفترشون الطريق بين الجبلين حتى يبيعون الأصنام التي ينحتونها للحجاج، وكان موسم الحج من أكثر المواسم رواجًا لشراء الأصنام.
الذبح
كانت تذبح الأنعام أيضًا ولكنها كانت تقدم في صورة قرابين للأصنام التي يعبدونها مثل: نسر وهُبل وغيرهم من الأصنام التي أشركوهم في عبادتهم لله، وكانوا يضعون على الأنعام أشرطة ويتركونها ولا يمسها أحد لعلمهم أنها ستذبح في الحج، وكانوا بعد ذبحها يلطخون الكعبة بدماء تلك الأنعام التي ذُبحت.
الوقوف على جبل عرفات
أيضًا كانوا يقفون على جبل عرفات ولكن الوقت الذي كانوا يقضونه عليه مختلفًا عن ما جاء به الإسلام، وكذلك كانوا يرمون الجمرات، ويتمسحون بالحجر الأسود؛ لعلمهم أنه ليس حجرًا عاديًا.
طقوس الحج في مكة قبل الإسلام وبعد الإسلام
قد تتشابه ظاهريًا الطقوس قبل الإسلام، وشعائر الحج الذي جاء بها الإسلام، وذلك أنه كان عند العرب بقايا مما آمن به سيدنا إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، ولكنهم كانوا يشركون في عبادتهم بالله الأصنام التي صنعوها، وترتب على ذلك بعض الطقوس الغريبة مثل الطواف عراة والتصفيق والتصفير حول الكعبة، وتلطيخ الكعبة بدماء القرابين، وكانت التلبية التي تقال أثناء الحج شركية يتوجهون بها لأصنامهم، حتى جاء الإسلام الذي نُزل على سيدنا محمد –صلى الله عليه وسلم- وهدم الأصنام الموجودة عند الكعبة وجبلي الصفا والمروة، وعدم الجواز لغير المسلمين بالدخول إلى مكة –بعد فتح مكة وإيمان أهلها-
وتم توحيد التلبية لتكون خالصة لله وحده لا شريك له، وتحديد اللباس غير المخيط للرجال، والتزام النساء بالحجاب الشرعي، وأن الهدي أو الأضحية تكون لله عز وجل، ولا تباع تلك الأضاحي، وأن هناك شروط للأضحية، لا أن يختاروا الأنعام التي بها عيوب أو أمراض وتقدم كأضحية مثل ما كان يفعل عرب الجاهلية، وقد علم الرسول محمد –صلى الله عليه وسلم- كيفية أداء مناسك الحج كما أمر الله.
في النهاية لكل شريعة من الشرائع حج ولكن تختلف حسب ما يعتقده أهل كل شريعة، فالحج معناه قصد مكان مقدس وزيارته، كذلك كان عند الجاهلية حج صامت، وكانوا لا يتكلمون طوال فترة الحج حتى الانتهاء منه، ولكن الإسلام جاء وقضى على كل العادات الوثنية التي كانت تُمارس في الحج.