مصر تعمل على تسريع النمو القائم على الذكاء الاصطناعي نحو مساهمة بنسبة 7.7% في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، بدعم من مبادرات الأمن السيبراني والاستدامة

فريق التحرير

تقف مصر عند منعطف حاسم في تحولها الاقتصادي، مدفوعًا بشكل حاسم بالتكامل القوي بين الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والاستدامة.

وأكد محمد الليثي، المستشار الدولي للجودة والاستدامة، أنه في حين تعمل كل من هذه الركائز بشكل مستقل على تعزيز النمو والمرونة، فإن تكاملها الشامل والتآزري هو الذي يشكل الإستراتيجية الحكيمة والشاملة الضرورية لوضع مصر كدولة رائدة قادرة على المنافسة في المنطقة العربية وعلى المسرح العالمي.

وشدد الليثي على أن المساهمة الاقتصادية للذكاء الاصطناعي تتوسع بسرعة، متجاوزة التوقعات المبكرة وتعيد تشكيل القطاعات الرئيسية. وتتوقع الحكومة أن تصل مساهمة الذكاء الاصطناعي إلى ما يقرب من 7.7% من الناتج المحلي الإجمالي الوطني لمصر بحلول عام 2030، وهو إنجاز بالغ الأهمية تدعمه التقارير الرسمية والبيانات الرسمية. نمت القيمة السوقية للذكاء الاصطناعي في مصر إلى ما يقرب من 490 مليون دولار، مقارنة بـ 420 مليون دولار قبل عامين، مما يعكس معدل نمو سنوي مثير للإعجاب يتجاوز 12%.

ويدعم هذا المسار الكبير استثمارات استراتيجية تتجاوز 13 مليار جنيه تهدف إلى توسيع البنية التحتية الرقمية وتطوير المواهب المتخصصة. وقد حددت الحكومة أهدافا طموحة، بما في ذلك تدريب أكثر من 30 ألف متخصص في الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030 وزيادة شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة من حوالي 150 إلى 250 شركة، وتم تسريعها من خلال برامج الابتكار الوطنية.

وتحدث الليثي عن التأثير التحويلي للذكاء الاصطناعي عبر قطاعات متنوعة: فالزراعة الدقيقة تؤدي إلى تعزيز كفاءة استخدام المياه وتعزز إنتاجية المحاصيل بنسبة تصل إلى 20%؛ تعمل الشبكات الذكية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي على تحسين تكامل الطاقة المتجددة؛ وتستفيد البنية التحتية الحضرية من إدارة الموارد في الوقت الفعلي المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء (IoT)، مما يؤدي إلى تطوير مدن أكثر ذكاءً واستدامة.

وشدد كذلك على الدور الحيوي للأمن السيبراني مع توسع الاقتصاد الرقمي في مصر. وفي عام 2025، تجاوز سوق الأمن السيبراني 220 مليون دولار، بمعدل نمو سنوي يزيد عن 12%، مع الاعتراف بالقاهرة كمركز إقليمي رائد للأمن السيبراني. تعد أنظمة الأمن السيبراني المتقدمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من هذه الإنجازات، حيث تتميز بدقة اكتشاف تتجاوز 98% في بيئات إنترنت الأشياء في العالم الحقيقي. فهي تسهل الكشف المبكر عن التهديدات، وتقلل من النتائج الإيجابية الكاذبة، وتعمل على أتمتة الاستجابات، وتحمي البنية التحتية الحيوية والمؤسسات المالية وأطر المدن الذكية، مع خفض تكاليف التعافي من الهجمات الإلكترونية بنسبة تقدر بـ 35%.

وشدد الليثي بعد ذلك على مبادرات الاستدامة المصرية التي تكمل التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني. تمثل الطاقة المتجددة الآن حوالي 20% من مزيج الطاقة في البلاد. وانخفضت كثافة الطاقة الصناعية بنسبة 8%؛ ويقترب مؤشر التنمية البشرية في مصر من 0.75، مما يدل على التقدم الاجتماعي الشامل المتوافق مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. تعمل منصات المراقبة البيئية الحديثة التي تستفيد من الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة على تمكين الإدارة الدقيقة للمياه والنفايات والموارد الأخرى، مما يعزز النمو الحضري والصناعي المستدام. تعد مصر من بين الدول العربية الرائدة في تجاوز ثلثي الأهداف الحاسمة لأهداف التنمية المستدامة.

كما تناول التحول الأساسي في محو الأمية، مشيرًا إلى أن الأمية في المستقبل سوف تمتد إلى ما هو أبعد من قصور القراءة والكتابة لتشمل الأمية الرقمية – وعلى وجه التحديد، عدم القدرة على التعامل بفعالية مع الذكاء الاصطناعي. وتهدد “أمية الذكاء الاصطناعي” هذه بتفاقم عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، مما قد يؤدي إلى تهميش السكان من المشاركة في القوى العاملة والحياة المدنية.

ولمواجهة هذا التحدي الناشئ، دعا الليثي إلى اتخاذ إجراءات حاسمة وشاملة. وبينما أثنى على الاستثمارات الحالية في التعليم الرقمي وتعليم الذكاء الاصطناعي، شدد على ضرورة توسيع نطاق الوصول والشمول. وتشمل التوصيات الرئيسية دمج الذكاء الاصطناعي ومحو الأمية الرقمية في مناهج التعليم المبكر، وإنشاء مراكز تعلم مجتمعية تقدم تدريبًا مجانيًا أو مدعومًا على المهارات الرقمية يستهدف سكان الريف والنساء والشباب، وإطلاق برامج إرشادية معتمدة “سفير الذكاء الاصطناعي” للشركات الصغيرة والمتوسطة والمنظمات المحلية لتعزيز تبني الذكاء الاصطناعي الأخلاقي، وتنفيذ حملات توعية وطنية شاملة لإزالة الغموض عن الذكاء الاصطناعي وتعزيز التعلم الرقمي مدى الحياة باعتباره حجر الزاوية المجتمعي.

وشدد الليثي على أن ترسيخ محو الأمية في مجال الذكاء الاصطناعي ككفاءة وطنية تأسيسية سيمكن المصريين على نطاق واسع، مما يؤدي إلى تنمية مجتمع شامل وذكي رقمي جاهز لمواجهة التحديات المستقبلية.

وفي الختام، أكد أن دمج مصر للذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والاستدامة يولد فوائد تآزرية لتسريع التحديث الاقتصادي. إن الكفاءات التشغيلية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، والتي ترتكز على إدارة البيانات الآمنة والأمن السيبراني الذي يحمي البنية التحتية الحيوية، تنشئ بيئة مبتكرة وموثوقة تعزز الاستثمار والنمو الشامل المشترك.

وحث مصر أيضًا على تضخيم الاستثمارات في تقنيات الذكاء الاصطناعي الآمنة والقابلة للتطوير، وإعطاء الأولوية لدعم الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة، وتوسيع التعليم الفني لزيادة كادر المتخصصين في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني بما يتجاوز التوقعات الحالية، وتعزيز الشراكات متعددة القطاعات لتحفيز الابتكار ومواءمة السياسات ومواجهة التحديات المحلية.

وشددت تصريحات محمد الليثي الختامية على الحاجة الملحة لتكثيف الجهود لزيادة تكامل الذكاء الاصطناعي في مصر باعتباره حجر الزاوية في تحولها الاقتصادي. وشدد على أن استراتيجية مصر تمثل نهجًا تاريخيًا يضع البلاد في طليعة موجة التحول الاقتصادي العالمية. وبدعم من أهداف عملية ومعالم قابلة للقياس، يعمل هذا النهج على تمكين مصر من تسريع النمو الذكي والآمن والمستدام – مما يضمن الرخاء ليس فقط لليوم ولكن للأجيال القادمة. وشدد بشكل قاطع على أن الوقت المناسب لتعزيز هذه المبادرات بشكل كبير واتخاذ إجراءات حاسمة هو الآن بشكل لا لبس فيه.

محمد الليثي هو مستشار دولي للجودة والاستدامة ويتمتع بخبرة واسعة في تطوير ومراجعة أنظمة الإدارة في مختلف الصناعات. بصفته مدققًا رئيسيًا معتمدًا في معايير ISO 9001 و27001 و14001 و45001 و50001 وحزام Six Sigma الأسود، فهو يساعد المؤسسات في تحقيق معايير عالمية في الجودة والأداء البيئي وممارسات الأعمال المستدامة.

شارك المقال
اترك تعليقك