أكد البنك المركزي المصري استمرار قوة النظام المالي المصري، عبر المؤسسات المصرفية وغير المصرفية، طوال العام المالي 2024 والربع الأول من عام 2025. وحافظ القطاع على دوره المحوري في الوساطة المالية، وتوفير الائتمان لقطاعات متنوعة من الاقتصاد وتقديم مجموعة واسعة من المنتجات المالية. وارتكز هذا الأداء على قاعدة الودائع المستقرة للقطاع المنزلي، والتي تظل مصدر التمويل الرئيسي للنظام.
ووفقا لأحدث تقرير عن الاستقرار المالي صادر عن البنك المركزي المصري، سجل مؤشر الاستقرار المالي في مصر زيادة ملحوظة، مما يعكس تحسينات واسعة النطاق في جميع المكونات الأساسية. وجاءت المكاسب على خلفية استقرار سعر الصرف، وموقف السياسة النقدية الذي أدى بشكل فعال إلى كبح الضغوط التضخمية، والتدفق غير المسبوق للاستثمارات الأجنبية.
وسلط التقرير الضوء على قدرة القطاع المصرفي المستدامة على توفير التمويل بالعملة الأجنبية، مدعومة بانخفاض كبير في احتمالات المخاطر النظامية الناجمة عن تدفقات رأس المال المفاجئة إلى الخارج. وتعزى هذه المرونة إلى وفرة السيولة بالعملة الأجنبية داخل النظام المصرفي، مدعومة بارتفاع الصادرات غير النفطية، وعائدات السياحة القوية، وتحويلات المصريين العاملين في الخارج، وزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر الطويل الأجل. ونتيجة لذلك، ارتفع صافي الاحتياطيات الدولية إلى 47.8 مليار دولار اعتبارا من مارس 2025، وهو ما يغطي بشكل مريح التزامات الديون الخارجية قصيرة الأجل وأكثر من ستة أشهر من الواردات السلعية.
وأضاف البنك المركزي أن البيئة الائتمانية الشاملة تعززت وسط استمرار التنسيق بين السياسات النقدية والمالية الاحترازية الكلية. وحافظت التدابير الاحترازية الكلية على الحد الأقصى لإجمالي خدمة الدين للقروض الاستهلاكية عند 50% من الدخل الشهري، بما في ذلك حد 40% لسداد الرهن العقاري، مما عزز استدامة ديون الأسر.
وأشار التقرير أيضًا إلى أن البنوك واصلت تمويل توسع القطاع الخاص بحذر ولكن بفعالية، بما يتماشى على نطاق واسع مع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي البالغ 4.2٪ المسجل خلال الفترة من يوليو إلى مارس من السنة المالية 2024/25، ارتفاعًا من 2.3٪ في العام السابق. وكان هذا التسارع مدفوعاً في الأساس بتحسن الأداء في مختلف قطاعات الاقتصاد الحقيقي الرئيسية، وخاصة التصنيع.
ولوحظ أيضًا انخفاض احتمال حدوث مخاطر نظامية مرتبطة بالمالية العامة، حيث مضت الحكومة قدمًا في تحقيق أهداف ضبط أوضاع المالية العامة وتنويع قاعدة تمويلها من خلال أدوات مالية محلية جديدة. وانخفضت حصة الأوراق المالية الحكومية في إجمالي أصول القطاع المصرفي، في حين ارتفعت حيازات المستثمرين الأجانب من أذون الخزانة المحلية إلى 44.7% بحلول مارس/آذار 2025، بدعم من قاعدة أوسع وأكثر مرونة من المستثمرين المحليين.
وأشاد البنك المركزي بقدرة القطاع على استيعاب الصدمات الأخيرة مع الحفاظ على ثقة الجمهور. ونمت الودائع بنسبة 25.3% في مارس 2025، مدفوعة إلى حد كبير بأرصدة الأسر. وفي الوقت نفسه، قفز إجمالي أصول القطاع المصرفي بنسبة 45.8%، وهو ما يمثل 93.5% من إجمالي أصول النظام المالي و125.4% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي في السنة المالية 2024.
وبدعم من السياسات الاحترازية التي ينتهجها البنك المركزي، سجل القطاع المصرفي مؤشرات قوية للسلامة المالية، متجاوزة المعايير التنظيمية المحلية ومعايير لجنة بازل. وصلت نسبة كفاية رأس المال إلى 18.3% في مارس 2025، وهي أعلى بكثير من الحد الأدنى التنظيمي البالغ 12.5%. وبلغت نسب السيولة بالعملة المحلية والأجنبية 37.1% و73.7% على التوالي، متجاوزة الحدود المطلوبة البالغة 20% و25%. ظلت الربحية قوية، حيث بلغ العائد على متوسط الأصول وحقوق المساهمين 2.6% و39% على التوالي في السنة المالية 2024.
وعلى الجانب غير المصرفي، سلط التقرير الضوء على التوسع المطرد مدفوعًا بالمنتجات والخدمات المالية الجديدة. وكان تبني معايير بازل 3 للمؤسسات المالية غير المصرفية سبباً في تعزيز قدراتها على إدارة المخاطر. ونمت أصول القطاع غير المصرفي بنسبة 22.7% في السنة المالية 2024، وهو ما يمثل 6.5% من إجمالي أصول النظام المالي و8.8% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي. وارتفع مؤشر EGX30 بنسبة 19.5% في عام 2024 وحافظ على الزخم الصعودي حتى مارس 2025، مما يعكس استمرار ثقة المستثمرين.
وأكدت اختبارات التحمل التي أجراها البنك المركزي المصري وهيئة الرقابة المالية بشكل مشترك أن النظام المالي في مصر لا يزال يتمتع بالمرونة، ولا يواجه سوى مستويات منخفضة إلى متوسطة من مخاطر الملاءة المالية والسيولة حتى في ظل السيناريوهات الاقتصادية والمالية والبيئية والجيوسياسية المعاكسة. وهذا يؤكد قوة الإطار الاحترازي الكلي في مصر.
كما سلط التقرير الضوء على التقدم المحرز في مجال الشمول المالي، مع ارتفاع معدل الشمول إلى 74.5% بحلول مارس 2025. واستمر التحول الرقمي بسرعة، مع توسع حسابات المحافظ المحمولة بنسبة 26% على أساس سنوي، مدفوعة بحلول مالية رقمية آمنة وفعالة. وواصل البنك المركزي تنفيذ إجراءات استباقية لحماية المستهلك لتعزيز الثقة في النظام المصرفي، ودعم الاستقرار المالي على نطاق أوسع.
وفي تطور مؤسسي كبير، نشر البنك المركزي المصري إطار السياسة الاحترازية الكلية الرسمي لمصر لأول مرة. ووصف البنك المركزي هذا بأنه خطوة مهمة نحو مزيد من الشفافية في أهداف السياسة والتدخلات، وتحسين التنسيق بين أدوات السياسة وتعزيز الوعي بين المؤسسات المالية والعملاء. وفي نهاية المطاف، يهدف الإطار إلى تعزيز الاستقرار المالي في مصر على المدى الطويل من خلال دمج نهج أكثر تنظيما لتخفيف المخاطر عبر النظام.