صندوق النقد الدولي: الاقتصاد المصري يظهر علامات التعافي رغم التحديات

فريق التحرير

أظهر اقتصاد مصر علامات التعافي بعد فترة صعبة اتسمت بضعف النشاط الاقتصادي ونقص النقد الأجنبي، وفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن صندوق النقد الدولي. وبينما تباطأ النمو إلى متوسط ​​2.5٪ في النصف الأول من السنة المالية 2023/2024، يرى صندوق النقد الدولي مسارًا نحو تعافٍ أقوى في المستقبل.

وقد سلط تقرير صندوق النقد الدولي عن مصر، الذي صدر يوم الاثنين، الضوء على العديد من التطورات الإيجابية. فمنذ توحيد سعر الصرف الرسمي والموازي في أوائل مارس/آذار، أصبح الجنيه المصري يتحدد وفقا لقوى السوق، مع تضييق الفارق بين السعر الرسمي وأسعار المقاصة في السوق، وإلغاء تراكم النقد الأجنبي لدى البنوك، وزيادة حجم التداول اليومي للنقد الأجنبي بين البنوك بشكل ملحوظ.

ورغم أن التضخم لا يزال مرتفعا، إلا أنه اتجه عموما نحو الانخفاض منذ سبتمبر/أيلول 2023، حيث بلغ أدنى مستوياته منذ يناير/كانون الثاني 2023 في مايو/أيار. ومن المتوقع أن يساعد رفع السياسة النقدية في مارس/آذار وتقليص التمويل النقدي للحكومة في احتواء التضخم بشكل أكبر في الأشهر المقبلة.

وفي أعقاب توحيد سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة الرسمية، تحسنت ظروف التمويل المحلي بشكل كبير. وتعتمد الحكومة بشكل أكبر على مزادات سندات الخزانة الأسبوعية، وزادت من إصدار سندات الخزانة طويلة الأجل. كما زادت حيازات غير المقيمين من سندات الخزانة وسندات الخزانة بالعملة المحلية بشكل كبير.

ويظل النظام المصرفي مستقراً، حيث تحقق البنوك في المتوسط ​​أرباحاً وسيولة ورأس مال كاف. وقد أدى الإعلان عن صفقة رأس الحكمة واستكمال المراجعتين الأولى والثانية بموجب ترتيب تسهيل الصندوق الموسع إلى انتعاش حاد في مراكز الأصول الأجنبية الصافية للبنوك.

ومع ذلك، يقر تقرير صندوق النقد الدولي بالعديد من التحديات والمخاطر التي تواجه الاقتصاد المصري. وفي حين أدى توحيد سعر الصرف إلى تحسين الوضع، فإن نقص النقد الأجنبي لا يزال يشكل مصدر قلق، وخاصة في القطاع غير النفطي.

إن الصراع في غزة وإسرائيل والاضطرابات في البحر الأحمر تعمل على تفاقم هذه الضغوط. وعلى الرغم من التحسينات المتوقعة، فإن الدين العام في مصر لا يزال مرتفعا، مع ارتفاع أعباء الفائدة ومخاطر إعادة التمويل. إن تطوير منطقة رأس الحكمة، وهو مشروع استثماري ضخم من المتوقع أن يصل إلى 150 مليار دولار على مدى 20-30 عاما، قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة وفرض ضغوط تصاعدية على العملة، مما قد يخلق وضعا أشبه بالمرض الهولندي. ويشكل الوضع المالي للهيئة المصرية العامة للبترول، وهي مؤسسة كبرى مملوكة للدولة، خطرا ماليا كبيرا بسبب مشاكل السيولة ومستويات الديون المرتفعة.

ويتضمن تقرير صندوق النقد الدولي أيضا الخطوط العريضة لأجندة الإصلاح الحكومية، والتي تشمل تحقيق ضبط مالي قائم على الإيرادات من خلال تغييرات في السياسة الضريبية، وخاصة فيما يتصل بضريبة القيمة المضافة، والاستمرار في خفض دعم الوقود غير المستهدف.

ويشير التقرير إلى أن الحكومة تنتهج استراتيجية نشطة لإدارة الديون بهدف تقليص احتياجات التمويل الإجمالية والديون، بما في ذلك التخلص التدريجي من آليات الاقتراض غير السوقية وتعزيز التمويل القائم على السوق من خلال المزادات.

وعلاوة على ذلك، تعمل الحكومة على تعزيز ممارسات الحوكمة والمنافسة في القطاع المصرفي، بما في ذلك تكليف جهة مستقلة بإجراء تقييم للسياسات والإجراءات والضوابط التي تفرضها البنوك المملوكة للدولة. كما تعمل الحكومة على تنفيذ تدابير تهدف إلى الحد من البصمة الاقتصادية للدولة وتوفير المزيد من المساحة لنمو القطاع الخاص، بما في ذلك صياغة مشروع قانون لإضفاء قوة القانون على العناصر الرئيسية لسياسة ملكية الدولة.

ويخلص تقرير صندوق النقد الدولي إلى أن حزمة الإصلاحات المعززة التي يقوم عليها البرنامج المدعوم من تسهيل الصندوق الممدد بدأت تؤتي ثمارها بشكل إيجابي. ومع ذلك، يؤكد التقرير أن تحقيق أهداف البرنامج سوف يتطلب بذل جهود سياسية كبيرة والتزاماً مستداماً بتنفيذ الإصلاحات البنيوية.

شارك المقال
اترك تعليقك