بواسطة باسنت هشام
في الوقت الحاضر، إذا قمت بنشر أي قصص على إنستغرام تدعم فلسطين، فلا بد أنك لاحظت الانخفاض الكبير في مشاهدات هذه القصص، أو حتى الحظر التام لنشر بعض المحتويات ذات الصلة. ويرجع ذلك إلى آخر تحديث لـ Meta والذي فرض إرشادات جديدة تمنع حسابك من نشر أو مشاركة أو التعليق أو الإعجاب بأي محتوى يتعلق بفلسطين. ولكن كيف يرتبط هذا بالبطيخ؟ ولا يشكل هذا النوع من القوانين مفاجأة، إذ يعود تاريخ هذه المبادئ التوجيهية إلى عام 1967، وتحديداً بعد الحرب العربية الصهيونية.
في ذلك الوقت بالضبط، لم يعد البطيخ مجرد فاكهة عادية للفلسطينيين، بل أصبح رمزًا للمقاومة التي تم استخدامها كوسيلة غير مباشرة للتعبير عن أصواتهم الصامتة رغم كل الصعاب. وذلك عندما أصدرت الحكومة الصهيونية قانونًا مشابهًا ولكنه أكثر وحشية، حيث منع جميع العروض العلنية للعلم الفلسطيني وألوانه، مما أدى إلى اعتقال كل من يتورط في هذا العمل. فقرر المتظاهرون رفع شرائح البطيخ عالياً في السماء، لأنها تحمل نفس ألوان العلم الفلسطيني: الأحمر والأسود والأبيض والأخضر.
في ذلك الوقت، تم منع حتى الفنانين من خلق فن سياسي حول الكيان الصهيوني، لذلك قرروا أيضًا أن يرمزوا إلى احتجاجاتهم من خلال رسم البطيخ كدليل على حرية التعبير والديمقراطية. ولم يقتصر استخدام أيقونة البطيخ في اللوحات فحسب، بل طُبعت أيضًا على الملابس والحقائب والكتب وحتى على الجدران، حتى أصبحت أحد الأعمال الرسمية لدعم الفلسطينيين في جميع أنحاء العالم.
بعد ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديدا في عام 2021، اتخذ استخدام البطيخ نهجا حديثا، حيث بدأ المواطنون الفلسطينيون والمؤيدون بنشر الصور والرموز التعبيرية والأعمال الفنية للبطيخ عبر الإنترنت على أمل تجاوز الرقابة على الإنترنت والإشراف على المحتوى الذي من شأنه أن يؤدي إلى بحذف منشوراتهم التي تضمنت علم فلسطين خالصاً. في مقابلة مع مجلة فايس، روت ليلى الحداد، وهي فلسطينية ولدت في الكويت، تجربتها في طفولتها مع الجدل الدائر حول العلم الفلسطيني وألوانه خلال إحدى زياراتها لغزة.
ومثل كل طفل لديه شعور بالانتماء إلى أصوله، وجدت نفسها منشغلة ببراءة في رسم صورة العلم على قطعة من الورق، لتجد قريبتها تجبرها على رمي الرسم في سلة المهملات خوفا من ذلك. الفتاة الصغيرة التي قبض عليها الصهاينة. وتعليقا على حظر العلم، قال حداد: “كان ذلك يقلل من قيمتك كشعب وتاريخك، ولكن أيضا هويتك ومحو تلك الهوية تماما. وهذا ما كانت تحاول القيام به.”
إذا كان هناك أي شيء مؤكد، فإن هذه الحكاية القصيرة تؤكد فقط حقيقة أن الفلسطينيين عانوا لفترة طويلة من إسكاتهم ومنعهم حتى من الوسائل الأساسية للتعبير عن هويتهم. ومن الواضح كيف اتخذت هذه التجربة الصعبة أشكالًا عديدة، بدءًا من الاعتقالات التعسفية وحتى الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي. والآن، في كل مرة يأكل فيها الفلسطينيون شريحة من البطيخ، تضربهم الذكريات المريرة للاعتقالات العديدة، ومصادرة الأعمال الفنية، وإنزال الأعلام، وقمع الأبرياء. كل ذلك يجعل الأمر أشبه بتأكيد جديد على أن هذه الثمرة ستمثل دائمًا وجود فلسطين ومقاومتها التي لا تتزعزع.